من ابرز ما يلفت في الساحة السياسية الداخلية في كيان العدو، ان الضغوط التي مارستها الادارة الاميركية على حكومة نتنياهو التي تتسم بطابع يميني (رغم مشاركة حزب العمل فيها) لم تؤد إلى سجال سياسي داخلي في "اسرائيل" حول تجميد البناء في المستوطنات، رغم وجود انقسام شعبي حول هذه القضية، الا ان ذلك لم يترجم على مستوى تصدي تيارات وشخصيات سياسية للضغط على نتنياهو من اجل تلبية مطالب الادارة الاميركية.
وبالانطباع الاولي كان يفترض ان يتصدى لهذا الامر حزب "كديما" كونه الحزب المنافس والبديل لحزب "الليكود" بصفته رئيسا للمعارضة. اضف إلى ما تبقى من تكتل اليسار الاسرائيلي.
وللمقارنة فقد تصدى اليسار الاسرائيلي لـ"أرييل شارون" في بعض المحطات عندما طرح وثيقة جنيف كخيار سياسي بديل للخيار الذي كان ينتهجه في مرحلة سابقة. وخلال الازمة بين الرئيس بوش الاب وبين رئيس الحكومة الإسرائيلية اسحاق شامير، الذي تولى رئاسة "الليكود" والحكومة منذ منتصف الثمانينات وصولا إلى العام 1992. ففي حينه طالب حزب العمل شامير بقول "نعم" لوزير الخارجية الاميركية جيمس بيكر وعندما رفض ذلك فكك حكومة الوحدة الوطنية التي كانت قائمة آنذاك (عام 1990). وفي مرحلة لاحقة ايد اليسار الاسرائيلي الامريكيين الذين اشترطوا اعطاء الضمانات المالية لدعم المهاجرين الجدد، بتجميد الاستيطان.
اما الآن فيلاحظ وجود صمت يساري مطبق (حتى ليفني (غير اليسارية) لم ترفع صوتها للضغط على نتنياهو). وربما يكون موقف حزب "العمل" مفهوما، ولكن حتى حزب "ميرتس" اليساري الذي يحاول اعادة بناء نفسه، لم يرفع راية الكفاح التي مدها لها اوباما.
فما هي اسباب هذه الظاهرة؟
ربما يكون من اسباب ذلك ان الرئيس الاميركي باراك اوباما لم يتوجه إلى الجمهور الاسرائيلي من اجل الضغط على حكومته، وانما توجه نحو اللوبي اليهودي في اميركا من اجل الضغط على نتنياهو. فضلا عن انه لم يحصل حتى الان على مقابل من الطرف العربي والفلسطيني (ضمان تطبيع العلاقات مع إسرائيل) لأنه في حال توفر ذلك فإنه قد يدفع بعض الاصوات إلى رفعها عاليا في مواجهة نتنياهو من اجل تلبية مطلب الادارة الاميركية.
هذا إلى جانب حقيقة ان المواقف التي يعرضها نتنياهو تحظى بتأييد ودعم اغلب القوى السياسية الرئيسية في إسرائيل، ولا يبعد ان تكون حالة الترهل التي اصابت اليسار الاسرائيلي سببا اخر يضاف إلى مجموع عوامل خبو صوت اليسار في إسرائيل.
امام هذا الواقع كان من الطبيعي ان يشعر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بأنه في موقع قوة خاصة وان الاصوات المعترض التي يرتفع صوتها هي من الاتجاه المعاكس والتي تطالبه بعدم الخضوع لمطالب اوباما.
الأنتقاد