استعرت "حرب جنرالات" في كيان العدو لخلافة رئيس الاركان غابي اشكينازي الذي يترك مهامه في وقت قريب. وقد اشتدت بعد نشر وثيقة تتناول احد الجنرالات الخمسة المرشحين
لرئاسة الأركان. واحتلت القضية صدارة عناوين الصحف الاسرائيلية التي طالبت بفتح تحقيق على وجه السرعة لتحديد صحة الوثيقة. حيث كشف النقاب في كيان الاحتلال أن عددا من الجنرالات الخمسة المرشحين لرئاسة أركان جيش العدو، خلفا للرئيس الحالي غابي أشكنازي، لجأوا إلى استئجار خدمات مكاتب دعايات لتقوم بتسويقهم في صفوف الجمهور وأصحاب القرار، وأن هذه المكاتب تدير حملات ترويج لزبونها الجنرال، بل وأخذت تعمل أيضا من أجل تشويه سمعة المنافسين.
وأثار هذا الكشف ردود فعل صاخبة في كيان العدو. وخرج عشرات الجنرالات السابقين بتصريحات حادة ضدها، قائلين إن مثل هذا الأمر لم يحدث في أي دولة في العالم، حيث إن رئيس الأركان يتم اختياره حسب مواهبه وقدراته ومعلوماته وتجاربه ومفاهيمه الشخصية وليس حسب قوة مكتب الدعاية الذي يستخدمه .
وكان أكثرهم حدة في استخدام الدعايات ما يسمى بوزير الدولة يوسي بيلد، وهو جنرال سابق كان منافسا لإيهود باراك في رئاسة الأركان سنة 1992، فقال خلال لقاء مع تلفزيون العدو الرسمي "إذا كان صحيحا ما يقال عن وجود هذه الظاهرة ولم نفعل ما يجب فعله لمحاربتها واستئصالها إلى الأبد من تقاليدنا، فإننا نكون قد بدأنا في كتابة نهاية إسرائيل".
وكان قد كشف الصحافي أمنون أبراموفيتش، في القناة التلفزيونية الثانية، وهي تجارية مستقلة، عن وثيقة صادرة عن مكتب دعايات مشهور في الكيان لصاحبه إيال أراد الذي يقدم الخدمات الإعلامية لعدد كبير من زعماء العدو، تحتوي على "برنامج عمل" في حملة أحد المرشحين أثارت عاصفة في الجهازين العسكري والسياسي. وقالت القناة إن مضمون هذه الوثيقة يخدم مصالح المرشح الأقوى لمنصب رئيس الأركان وهو يوآف غالانت قائد اللواء الجنوبي في جيش العدو. فهو يمجد غالانت بفضل قيادته، التي تعتبر في "إسرائيل" ناجحة جدا، للحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة .
وبما أن العلاقات بين غالانت وأشكنازي سيئة، فإن الوثيقة تدعو إلى تشويه سمعة رئيس الأركان الحالي وتخويفه وإظهاره "رجلا ضعيفا يشكو باستمرار من أنه يتعرض للتحريض مثلما حصل للسياسي اليهودي الشرقي ديفيد ليفي (الذي تبوأ منصب نائب رئيس الحكومة وزير الخارجية، وظل يشكو من التمييز ضده على خلفية عنصرية)".
كما تحتوي الوثيقة على برنامج حملة لتشويه سمعة الجنرال بيني غنيتس، أقوى المنافسين لغالانت الذي يعتبر أفضل المرشحين في نظر أشكنازي. وفي الوقت نفسه يروجون لوزير الحرب إيهود باراك ويشيدون بجهوده لحسم قضية اختيار رئيس أركان جديد قبل 6 أشهر من موعد انتهاء دورة أشكنازي، بدعوى أنه تصرف مسؤول. كما تروج هذه الوثيقة بأن باراك يريد التبكير في هذه المهمة، لكي يتاح للجنرال غالانت وضع خطة مشتركة مع باراك للحرب المقبلة "بوجود رئيس أركان قوي قادر على خوض الحرب التي لا يريدها أشكنازي".
ونفى مكتب أراد أن تكون هذه الوثيقة صادرة عنه، وأعلن أن الوثيقة مزيفة وأنه سيتقدم بشكوى إلى الشرطة خلال يومين حتى تحقق في هذا التزوير. لكن أمنون أبراموفتش، الصحافي الذي كشف الوثيقة، يصر على أن مصادره مجربة وموثوقة مائة في المائة .
بدوره اصدر اشكينازي بيانا اسف فيه "للضرر الذي لحق بالجيش وبصورته لدى الشعب" بسبب هذه القضية. واضاف "أكانت الوثيقة صحيحة ام لا. فإن التبعات ستكون وخيمة والمطلوب اجراء تحقيق معمق". واعلن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو استدعاءه لمستشار الحكومة القضائي. الذي يعتبر "المدعي العام" في الكيان الاسرائيلي. لاستيضاحه حول القضية.
والملفت للنظر، أن ما جاء في هذه الوثيقة هو الذي يتم تطبيقه حاليا في المعركة لاختيار رئيس الأركان. فوسائل الإعلام الإسرائيلية تجمع على أن غالانت هو أقوى المرشحين وتظهره قويا وحازما وتشيد بدوره في قيادة الحرب على غزة وتمجد خطوة باراك بشكل عام وتشير إلى تقارب وجهات النظر بينه وبين غالانت وبين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في قضية الحرب على إيران .
وفي بداية جلسة حكومته صباح الأحد قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو إنه توجه إلى المستشار القضائي للحكومة يهودا فينشطاين، بعد التشاور مع وزير الحرب إيهود باراك، وطلب منه دراسة المعلومات التي نشرت في وسائل الإعلام حول تعيين رئيس جديد لهيئة أركان الجيش.
وبعد ذلك اوعز يهودا فاينشطاين بتجميد عملية اختيار خليفة لرئيس هيئة الأركان العامة في جيش العدو. وأعلن فاينشطاين في ختام جلسة طارئة للبحث في الوثيقة في مكتبه انه قرر تجميد علمية اختيار رئيس لهيئة الأركان حتى انتهاء التحقيق في الوثيقة من قبل الشرطة في اسرع وقت ممكن.
وعلى الرغم من اعلان فايتشطاين، استمر وزير الحرب ايهود باراك، في اجراء مقابلات مع المرشحين لرئاسة هيئة الأركان، والتقى اليوم بنائب رئيس هيئة الأركان والمرشح لخلافة اشكنازي، بيني غانتس. وتقرر تولي "الوحدة القطرية" للتحقيق في الجرائم المنظمة والدولية (يحبال) التحقيق في القضية.