يبدو تيار المستقبل مرتبكاً بشأن زيارة الرئيس سعد الحريري إلى دمشق. فانفتاح قيادة المستقبل على «الأخوة» و«التنسيق» مع «السوريين»، يقابله اجتهاد من الصف الثاني في تيار المستقبل (النائب مصطفى علوش والمجموعة) لإقناع الرأي العام عموماً، وأنصار المستقبل خصوصاً، بأنّ الزيارة رسمية بامتياز، ولا يفترض إعطاؤها أكثر من حجمها كأحد واجبات رئيس الحكومة.
اجتهادات علوش وعمار الحوري وغيرهما لا تعجب السوريين كثيراً، كما ينقل زوار العاصمة في نهاية كل أسبوع تقريباً. وبحسب أحد هؤلاء، فإن إيحاء تيار المستقبل لجمهوره بأن زيارة الحريري للشام تأتي من ضمن جولة كبيرة، وأن دمشق مثل الخرطوم أو عمان أو صنعاء، يستفزّ السوريين الذين يركّزون على رمزيّة الزيارة بصفتها اعترافاً من الحريري الابن بموقع سوريا الجغرافي والسياسي والتاريخي والاقتصادي بالنسبة إلى اللبنانيين، ويعتقدون أن إشاعة مثل هذه الأجواء تجعل من الزيارة مجرّد نسخة محسّنة عن زيارة الرئيس فؤاد السنيورة إلى الشام عام 2005.
من جهة أخرى، يتبيّن أن الحريري يحرص على إبقاء الزيارة في يد المؤسّسات، حيث يؤكد من يلتقيه أنه أوقف الاتصالات الجانبية، غير الرسمية، التي اضطلع بها أحد نواب بيروت لحظة تأليفه الحكومة واتفاق النائب المستقبلي مع السوريين على الخطوط العريضة للزيارة. وأوعز الحريري إلى أحد مستشاريه لتنسيق الزيارة ضمن القنوات الرسمية، بما فيها وزارة الخارجية والمغتربين (وخصوصاً سفير سوريا في لبنان وسفير لبنان في سوريا الذي يفترض أن يزور الحريري قريباً للاتفاق معه على بعض النقاط)، والمجلس الأعلى اللبناني ـــــ السوري. وخلافاً لما يشاع، لم يجرِ الاتفاق بعد على موعد الزيارة أو على مدّتها أو على طبيعة الوفد المرافق.
فعلى صعيد الموعد، تشير المعلومات إلى أن الحريري سيزور السعودية بعد نيل حكومته الثقة ليثني على مرجعيتها وموقعها بالنسبة إليه، ثم يعود إلى لبنان يومين ويسافر بعدها إلى كوبنهاغن، عاصمة الدنمارك، ليلقي، في 15 كانون الأول، كلمة الوفد اللبناني في قمة تغير المناخ. وبعدها، يعود الحريري إلى بيروت ليضع اللمسات الأخيرة على زيارته لدمشق التي يفترض أن تتمّ جوّاً لا برّاً. وهنا أيضاً يسجّل بعض زوّار الشام تململاً. فبرأيهم، على رئيس حكومة لبنان أن يزور دمشق برّاً لتأكيد الترابط الجغرافي، وليفتح الباب أمام أنصاره الذين عمدوا، أكثر من مرّة، إلى قطع الطريق الدولية بين لبنان وسوريا.
أمّا مدّة الزيارة، فيرجّح المطّلعون، سواء المتردّدون كثيراً على مكاتب ضباط الشام أو القريبون من الحريري، إلى أنها لن تتجاوز اليوم الواحد. فيلتقي الحريري طويلاً رئيس الوزراء السوري ناجي العطري قبيل لقائه الرئيس السوري بشار الأسد. وبحسب مصدر في تيار المستقبل، فإن الزيارة أولية تهدف إلى بناء الثقة والاتفاق على آلية تواصل «رسمية وغير رسمية»، من دون البحث عن حلول للملفات العالقة بين الدولتين. وبرأي أحد نواب المستقبل، فإن الحريري سيحاول كسر المقاطعة «الشعبية» السورية لزيارته عبر لقاء يجمعه مع مستثمرين لبنانيين في سوريا في منزل والده في الشام، أو عبر زيارته لعائلة زوجته، السورية الأصل، علماً بأن ثمة معلومات تؤكد أن زيارة الحريري ستتبعها زيارة للعطري إلى لبنان يتفق خلالها على عدد من القضايا، وفي مقدّمها إنشاء لجان تنسيق ومتابعة.
وفي ما يخصّ الوفد الرئاسي، يقول أحد نوّاب البقاع إنّ الكثير من نوّاب المستقبل يأملون صعود الطائرة الرئاسية أو ملاقاة رئيسهم في مدرج مطار دمشق، لكن الحريري كرّر أخيراً الإشارة إلى نيته عدم اصطحاب نواب من كتلته لأنه يزور دمشق رئيساً للحكومة، لا رئيساً لتيار المستقبل. وهو سيدعو إلى مرافقته الوزراء الذين يُنجِحون، برأيه، الزيارة. ولفت المصدر الحريريّ إلى وجود انطباع لدى المقربين من رئيس الحكومة بأن حزبي الكتائب والتقدمي الاشتراكي يرغبان في التواصل مع القيادة السورية، وهو سيحرص استجابةً لهذا الانطباع على مشاركة الوزيرين غازي العريضي (أو أكرم شهيب إذا رغب النائب وليد جنبلاط) وسليم الصايغ ضمن الوفد.
الأخبار