«الجنرال» يحسّن مواقع مسيحيي الأكثرية ... إلى حد الاستنجاد بحصة رئيس الجمهورية! ...شكّل البيان الصادر بعيد منتصف ليل الجمعة ـ السبت عن الاجتماع الرباعي لقيادات المعارضة اللبنانية، أول إشعار رسمي بولادة حكومة التوافق الوطني، بعدما تم خلاله تثبيت «القواعد التي اتفق عليها في حصيلة المفاوضات التي جرت» مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ولم يعد مطلوباً من المعارضة سوى أن تتواصل معه رسمياً،
اليوم، من أجل إبلاغه الموقف الموحد للمعارضة أولاً، وأسماء وزرائها العشرة ثانياً، ليبدأ بعد ذلك العد التنازلي لولادة مراسيم الحكومة.
ومن المفترض أن يحصل تواصل مباشر أو غير مباشر، في الساعات المقبلة، بين الرئيس المكلف والعماد عون، لتثبيت ما تم الاتفاق عليه، علماً بأن عون طلب مهلة أربع وعشرين ساعة لبت أسماء وزراء «التكتل».
ويفترض أن يشكل هذا البيان، مقدمة لموقف مماثل يتخذه الرئيس المكلف وربما يكون تحت عنوان «قيادات الأكثرية»، إذا تمكن من حسم مطالب مسيحيي الرابع عشر من آذار خلال الساعات المقبلة.
وقد ضم اجتماع قيادات المعارضة، الذي دام قرابة أربع ساعات واستمر لغاية منتصف الليل، كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري، الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، وذلك بحضور وزير الاتصالات جبران باسيل، النائب علي حسن خليل، الحاج حسين خليل والحاج وفيق صفا.
ووفق البيان الذي عممته الوحدة الإعلامية المركزية في «حزب الله»، فإن المجتمعين استعرضوا التطورات على الساحة السياسية «خصوصاً ما يتعلق بتشكيل الحكومة وآخر الأفكار والاقتراحات المطروحة. وقد اتفق المجتمعون على السير في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وفقاً للقواعد التي اتفق عليها في حصيلة المفاوضات التي جرت، آملين أن تحقق هذه الخطوة كل الخير للبنان وشعبه العزيز».
وإذا كان المشهد الحكومي قد تبلور على ضفة المعارضة، بأطيافها كافة، بعد حسم مسألة التمثل العوني، فإن اكتمال المشهد بات ينتظر فك عقدة تمثيل مسيحيي «14 آذار»، ولا سيما بعدما برزت في السـاعات الماضية مطالبات بضرورة إحداث نوع من «التوازن» مع حصة «تكتل الإصلاح والتغيير»، الأمر الذي فرض على الرئيس المكلف حراكاً مكثفاً في اتجاه حلفائه، سواء عبر الاتصالات المباشرة، أو الموفدين، سعياً لإيجاد مخرج لائق لمسيحيي الرابع عشر
من آذار الذين اتكأوا على ما حققه عون لتحسين مواقعهم في «حكومة الحكومات المؤتلفة».
وقد أملت أوساط مقربة من رئيس «تكتل الإصلاح والتغيير» بولادة الحكومة خلال 48 ساعة، وهذه المناخات عكستها أيضا أوساط «حزب الله»، وكذلك الرئيـس نبيه بري الذي أعرب عن أمله في أن تكون الساعات المقبلة حاسمة ونهائية وأن يفطر خلال 48 ساعة إن شاء الله»، فيما نقل زوار الرئيس ميشال سليمان عنه قوله إن اللبنانيين سيرون الحكومة في القريب العاجل.
وعكست مشاورات الساعات الأخيرة حرص «القوات» والكتائب على التمثيل الماروني، بعدما احتكر العماد ميشال عون وحليفه سليمان فرنجية نصف مقاعد الوزراء الموارنة (ثلاثة من ستة)، إلا أن هذا الأمر اصطدم بعائق أساسي يتمثل بتوفر مقعدين لا ثالث لهما (السادس من نصيب رئيس الجمهورية)، فضلاً عن أن تخصيص كل من «القوات» والكتائب بوزير ماروني، يعني إعدام فرصة توزير النائب بطرس حرب، الذي سبق وتلقى وعداً مباشراً من الرئيس المكلف بالتوزير مقابل توزير جبران باسيل خصمه البتروني، علماً بأن «القوات» وضعت توزير حرب في خانة توزير أي عضو من أعضائها.
وفي ضوء الاتصالات المكثفة تمثل المخرج بتمثيل الكتائب بوزير ماروني، لتلافي علامة ضعف قد تظهر فيها الكتائب مستقيلة من التمثيل الماروني، فيما لو تمثلت بوزير من مذهب آخر، وللتأكيد من جهة ثانية على استمرارية حضور الكتائب في الساحة المارونية تحديداً وتحت عنوان إكمال مسيرة الوزير الراحل بيار الجميل ولو بحقيبة غير الصناعة التي انتقلت إلى الحصة العونية. وأما «القوات»، فجاء المخرج بأنها لا تتأثر فيما لو تمثلت بغير ماروني، ولا سيما أن انتشارها المسيحي السياسي بات يسمح لها بالتمثل بأرثوذكسي وكاثوليكي.
وبحسب مجريات المفاوضات، فإنها شهدت تجاذباً حول نوعية الحقائب، ولا سيما بعدما طالب الجانبان القواتي والكتائبي بحقائب دسمة، إذ إن الكتائب أصرت بداية على الصناعة، كبديل عن السياحة وهما الحقيبتان اللتان ألحقتا بالحصة العونية، لكنها وأمام تعذر الاستجابة لها، طالبت بحقيبة التربية بديلاً من العمل.
لكن الرئيس المكلف أصر على إسناد حقيبة العمل للكتائب، الأمر الذي أثار اعتراض الكتائب، وذلك بالنظر إلى طبيعة الوزارة أولاً، ووقوعها جغرافياً في حمى «حزب الله» وحركة «أمل» في الضاحية الجنوبية.
وطرح اسم النائب سامي الجميل لتولي وزارة العمل، بناء على اقتراح من الرئيس المكلف نفسه، إلا أن اسمه استبعد ليلاً وتردد أن نائب رئيس حزب الكتائب سليم الصايغ حل محله للعمل، خاصة بعد أن استبعد الحريري توزير عضو المكتب السياسي الكتائبي سجعان قزي بسبب رسوبه في الانتخابات النيابية.
وأما على الخط الآخر، فشهد النقاش تجاذباً حول حقيبة العدل، التي أصرت عليها «القوات»، لمصلحة إسنادها للنائب بطرس حرب، على أن تسند إلى «القوات» حقيبة خدماتية هي الشؤون الاجتماعية وتكون من نصيب منسق منطقة بيروت ومسؤول قطاع المهن الحرة في «القوات» عماد واكيم (ارثوذكسي). وطالبت «القوات» بحقيبة ثانية بعد تعذر حصولها على المهجرين، وذلك لمصلحة رجل الأعمال الكاثوليكي سليم وردة المقرّب من جعجع، وهو من مدينة زحلة ومن الخصوم التاريخيين لآل سكاف.
وحاول الرئيس المكلف تدارك الضغط الكاثوليكي من جانب حليفه ميشال فرعون، فعرض على الرئيس ميشال سليمان مقايضة المقعد الكاثوليكي الرئاسي، بمقعد أرثوذكسي، بما يتيح من جهة توزير فرعون وإسناد حقيبة الإعلام إليه، وهو الأمر الذي قطع الطريق على توزير طارق متري، فتصبح عندها حصة رئيس الجمهورية مؤلفة من وزيرين أرثوذكسيين، وزير ماروني، وزير دولة سني، ووزير دولة شيعي.
وأصبحت حصة رئيس الجمهورية تضم الوزير الأرثوذكسي الياس المر نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع، الوزير الماروني زياد بارود للداخلية والبلديات، الشيعي عدنان السيد حسين وزير دولة، رجل الأعمال السني والوزير السابق عدنان القصار على الأرجح وزير دولة، بالإضافة إلى شخصية أرثوذكسية ربما تكون امرأة إذا وافق رئيس الجمهورية على حذف الحصة الكاثوليكية (تردد اسم الوزير الأرثوذكسي الأسبق سمير مقبل).
وتردد أن «اللقاء الديموقراطي» تمنى ألا تسند اليه حقيبة المهجرين وأن ينال إلى جانب حقيبة الأشغال التي سيتولاها الوزير الحالي غازي العريضي وحقيبة الدولة لشؤون مجلس النواب التي سيتولاها الوزير الحالي وائل أبو فاعور، وزارة البيئة، على أن تكون من نصيب النائب أكرم شهيب.
وعلى صعيد المقاعد السنية، من المرجح أن يسند رئيس الحكومة المكلف حقيبة المال إلى ريا الحفار الحسن، الاقتصاد للوزير محمد الصفدي، التربية على الأرجح للدكتور رضوان السيد (لم تتمكن الكتائب حتى ليل أمس من انتزاعها لمصلحة سليم الصايغ)، ولم يعرف الاسم السادس، لكن الحريري أبلغ النواب السنة في «المستقبل» أنه ليس في وارد توزير أي منهم.
وسينال «تيار المستقبل» عدداً من الحقائب المسيحية أبرزها الوزير الأرمني الحالي جان اوغاسابيان، ندى مفرج (أرثوذكسية) بالإضافة إلى فرعون (الإعلام).
وفي المقابل، لم يحسم العماد عون، حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، أسماء معظم وزراء «التكتل»، باستثناء الوزير الماروني الحالي جبران باسيل للطاقة، فيما حسم رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية اسم عضو قيادة «المردة» يوسف سعادة وزير دولة.
وتردد أن «حزب الله» حسم اسمي وزيريه محمد فنيش للتنمية الإدارية، وحسين الحاج حسن للزراعة، فيما لم يكشف الرئيس نبيه بري عن أسماء وزرائه، لكن مصادر مطلعة حسمت بقاء الوزير الحالي محمد جواد خليفة وزيراً للصحة، والدكتور علي حسين عبد الله وزيراً للشباب والرياضة والدكتور محمود بري وزيراً للخارجية والمغتربين... إلا إذا قرر استبداله بشخصية خارج التنظيم الحركي.
--------------------------------------------------------------------------------
السفير