العدد 216 - مجلة بقية الله
الشيخ نعيم قاسم
حدَّدت بعض الروايات أماكن تواجد أنصار الإمام المهدي(عج)، وكما يظهر فإنَّ بعض البلدان العربية ومنها الشام التي تشمل فلسطين ولبنان وسوريا والأردن، ومنها مصر والعراق وغيرهما، وبعض البلدان الإسلامية وعلى رأسها خراسان أو المشرق (أي إيران بشكل عام)، ما يُبيِّن أن مسرح حركة الإمام المهدي(عج) هي منطقتنا، التي ستكون منطلقاً لحركته، حيث يدعمه أنصاره فيها، ويسيرون تحت لوائه، فيعمل لتحقيق العدالة العالمية على الأرض.
* أنصار الإمام المهدي (عج):
عن خراسان: قال رسول الله(ص): "إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان، فأتوها، فإن فيها خليفة الله المهدي"(1). وفي رواية أخرى عنه(ص): "تجيء الرايات السود من المشرق، كأن قلوبهم زبر الحديد، فمن سمع بهم فليأتهم، فيبايعهم ولو حبواً على الثلج"(2). فالواضح أن راية الخراساني ومن معه صلبةٌ في موقفها الإيماني الأصيل، تقاتل من أجل الحق، وتناصر الإمام المهدي(عج) خير نصرة.
وعن بعض البلدان العربية، تعطي الروايات توصيفاً للأنصار من كل بلد، فالنجباء من مصر، والأبدال من الشام، والأخيار من أهل العراق، وفي روايات أخرى عصائب أهل العراق.
قال أبو جعفر(ع): "يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف عدة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من أهل الشام، والأخيار من أهل العراق، فيقيم ما شاء الله أن يقيم"(3).
وعن بيت المقدس، وهو محورٌ رئيس لحركة الجهاد والصمود في زمن التمهيد للظهور، قال رسول الله(ص) كما روي عنه: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم، ولا ما أصابهم من لأواء – مشقة - حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك.
قالوا: يا رسول الله، وأين هم؟
قال: ببيت المقدس، وأكناف بيت المقدس"(4).
* هؤلاء شيعتنا حقاً:
وعن منطقة جبل عامل ومحيطها، تحدثت الرواية عن بلدة الشقيف وما يحيط بها، ونحن ننقل الرواية كما جاءت في كتاب "أمل الآمل"، للعلامة الشيخ الحر العاملي، الذي خصَّص كتابه لذكر نبذة عن سيرة علماء الشيعة في البلدان المختلفة، مبتدئاً بعلماء جبل عامل، وفي مقدمته الرواية التالية، التي تتحدث عن صفات أنصار الإمام المهدي(عج) رجالاً ونساء، وعن أخلاقهم وحسن أدائهم،وعن صمودهم، وحفظ وجودهم في أرضهم. جاء فيما كتبه العلامة الحر العاملي:
"ما وجدته بخط بعض علمائنا, ونقل أنَّه وجده بخط الشهيد الأول, نقلاً من خط ابن بابويه, عن الصادق (ع), أنه سئل كيف يكون حال الناس في حال قيام القائم (عج), وفي حال غيبته, ومَنْ أولياؤه وشيعته, من المصابين منهم, المتمثلين أمر أئمتهم, والمقتفين لآثارهم, والآخذين بأقوالهم؟.
قال عليه السلام: بلدة بالشام.
قيل: يا بن رسول الله، إنَّ أعمال الشام متسعة؟.
قال: بلدة بأعمال الشقيف أرنون(5)، وبيوت وربوع تعرف بسواحل البحار وأوطئة الجبال.
قيل: يا بن رسول الله، هؤلاء شيعتكم؟.
قال (ع): هؤلاء شيعتنا حقاً، وهم أنصارنا وإخواننا والمواسون لغريبنا والحافظون لسرنا، اللينة قلوبهم لنا, والقاسية قلوبهم على أعدائنا، وهم كسكان السفينة في حال غيبتنا، تمحلُ البلاد دون بلادهم، ولا يصابون بالصواعق، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويعرفون حقوق الله, ويساوون بين إخوانهم، أولئك المرحومون, المغفور لحيِّهم وميتهم, وذكرِهم وأنثاهم، ولأسودِهم وأبيضهم, وحرِّهم وعبدهم, وإنَّ فيهم رجالاً ينتظرون، والله يحب المنتظرين"(6).
نستنتج الخلاصة التالية: إنَّ الصفات المشتركة لأنصار الإمام المهدي(عج) في البلدان المختلفة هي التي تدلُّ عليهم، فهم مجاهدون يقاتلون في سبيل الله تعالى لنصرة الحق، وينتظرون ظهور الإمام المهدي(عج) ليسيروا معه وتحت لوائه، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويصبرون على البلاء، ويقدمون النموذج الإسلامي الأصيل في فكرهم وسلوكهم، فحيثما وجدنا هذه الصفات أدركنا أنصاره وأعوانه، جعلنا الله تعالى منهم، وثبتنا على ولاية الإمام الحجة المنتظر(عج).
******
الهوامش:
(1)مسند أحمد، ج5، ص277.
(2)الاربلي، كشف الغمة، ج3، ص: 273.
(3)الشيخ الطوسي، الغيبة، ص: 476.
(4)مسند أحمد، ج5، ص: 269.
(5)ورد في بعض النسخ كلمة "أوتون" بدل "أرنون"، ولعلها من التصحيف الذي يحصل أثناء النقل أو الطباعة.
(6)الحر العاملي، أمل الآمل، ج1، ص: 15 و 16.