السلام عليكم و رحمة الله
اللهم صل على محمد و ال محمد
اليكم بعض المعلومات عن وقعة فخ
فخ هو وادي الزاهر يبعد 5500 متراً عن مكّة المكرّمة وفيه قبور جماعة من العلويين قتلوا فيه في واقعة فخ كانت لهم مع اصحاب موسى الهادي بن المهدي بن المنصور العباسي في ذي الحجة سنة تسع وستين ومائة (169) هـ وقبر الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن ابي طالب (عليه السلام) على يمين الداخل الى مكة ويسار الخارج منها يقرب الموضع المعروف بالزاهر ويعرف مكان الموقعة التي بفخ اليوم بالشهداء وفي الشرائع وتجرد الصبيان من المخيط من فخ) (1).
جاء في كتاب أداب الحرمين: (ومن المزارات شهداء فخ (رضوان الله تعالى عليهم) وفيها قتل نحو مائة نفر من ذرية فاطمة (عليها السلام) على ايدي عمال موسى الهادي العباسي.
ونقل عن المحدث القمي قال: قال في كتابه الكنى والالقاب نقلاً عن الامام الجواد (عليه السلام): (لم يكن لنا بعد الطف مصرع اعظم من فخ) ( أداب الحرمين للشهرودي ص 238.).
ما هي اسباب هذه الواقعة؟
في الواقع اسباب عديدة اشعلت هذه الثورة واولها واهمها ان والياً لئيماً عينه الهادي العباسي على المدينة، هذا الوالي كان هدفه الوحيد وهمه الوحيد اذلال العلويين، اذلال علماء اهل البيت، كان لا يعمل الا على سبهم ويستهين بالامام الكاظم، يمنع احداً ان يصل اليه، كأن لم تكن مشكلة لديهم الا محاربة فكر اهل البيت ومحاربة اهل البيت، كان همه الوحيد في المدينة ايذاء عائلة الرسول، كان الخليفة منتقية لهذا الغرض، هؤلاء ينتخبون ولاة من هذا النمط، يوماً كان يلزمهم ان يحضروا الى دار الولاية يوقعون اثبات حضورهم، احياناً يفتعل اشياء وينسبها لهم ويحملهم المسؤولية هذا نقرأه في التاريخ
مرة من المرات احضر الحسن بن محمد بن عبد الله المحض في مجلسه والمجلس حاشد بالناس وجماعة من العلويين معه فأمر بضربهم بالسياط امام الناس بالخصوص الحسن امر بضربه ثمانين سوطاً وهؤلاء البقية معه خمسة عشر سوطاً امام الناس فكان يضع الرصد على تحركاتهم، يشتمهم يوجه لهم التهم، نفذ صبر العلويين في المدينة، الامام الكاظم كان في المدينة ولكن محاصر وحراسة مشددة عليه لكن الحسين شهيد فخ الحسين بن علي بن الحسن المثنى ارسل بصورة سرية للامام الكاظم يستشيره يقول هل ننتفض لان صبرنا نفذ، قال الامام اذا فعلت فأنك مقتول لا محالة، «فأحدّ الضراب فأن القوم فساق يظهرون ايماناً ويضمرون نفاقاً وشركاً وانا لله وانا اليه راجعون» آخر المطاف انتفض العلويون في ثورة منظمة وانظمت اليهم الجماهير وبايع الناس الحسين وصلوا في مسجد الرسول واعلنوا الاذان ظهراً ونودي لشعيرة حي علي خير العمل واقام الحسين الصلاة بالناس، هرب الوالي الخبيث وسيطروا على المدينة، اقاموا دولة واستقرت لهم الامور وبعد تحركوا صوب مكة المكرمة لاستغلال فرصة الحج والاستفادة من تواجد الحجاج لكن قبل مكة بقليل هاجمهم جيش العباسيين بقيادة قائد من الاتراك النواصب واندلعت المعركة يوم التروية يعني قبل عرفة بيوم سقط فيها الحسين قتيلاً سنة 169 هجرية وتساقط عدد من قواده من رجاله واصحابه وهرب عدد منهم مثل عيسي بن زيد وثلاثة من اولاد عبد الله المحض واسر جماعة من العلويين فأثقهم كتافاً ومثل بالاجساد وقطعوا الرؤوس وساقوا الاسرى الى موسى الهادي العباسي في بغداد ولما ادخلوا عليه الاسرى باشرهم قتلهم بيديه وهو يردد:
بني عمنا لا تنطق الشعر بعد ما
دفنتم بصحراء الغميم القوافيا
فأن قلتم انا ظلمنا فلم نكن
ظلمنا ولكن قد اسأنا التقاضيا
هذه الحادثة او واقعة فخ كان من اخطر وافضح الحوادث في التاريخ الاسلامي وتحدث عنها بعض الشعراء وكتب عنها الكتاب، احد الادباء رثا الحسين ذي الدمعة بقولة:
فلا بكيين على الحسين بعولة وعلى الحسن
وعلى ابن عاتكة الذي ابقوه ليس له كفن
يشير الى الحسين شهيد فخ ويشير الى ان اسم امه عاتكة كما يشيرون الى ان جسده واصحابه ثلاثة ايام تأكل منها الوحوش وبالتالي اتوا جماعة من الطالبيين ودفنوهم سراً، صارت بعدها تداعيات الخليفه العباسي القى بمسؤولية هذه الثورة على الامام الكاظم فكان يهدد ان اذهب الى المدينة، احفر البقيع، انبش قبور الائمة، اخرج عظامهم، افعل كذا، اقتل موسى بن جعفر، علي بن يقطين كان يخبر الامام بطريقته الخاصة، التزم الامام بهذا الدعاء المعروف بدعاء جوشن صغير، الهي كم من عدو شهر علي سيف عداوته، ليالي الجمع كان الامام يردد هذا الدعاء وكان يردد هذا البيت:
زعمت سخينة ان ستغلب ربها
وليغلبن مغالب الغلاب
سبحان الله ان الله استجاب دعاء الامام موسى بن جعفر واذا قبل سفره هذا المزمع ان يهدم البقيع واذا قبل سفره بليلتين تواطئت امه مع اخيه هارون فقتلته خنقاً وبالتالي الله نجا الامام واصحابه هذه لمحة عن واقعة فخ وعن شهيد من شهداء الاسلام وهو حفيد الامام الحسن المجتبي (سلام الله عليه) والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
احداث المعركة
جمع الحسين أصحابه مثل يحيى، وسليمان، وادريس بن عبدالله بن الحسن، وعبد الله بن الحسن الافطس وغيرهم.
فلما أذّن المؤذن الصبح دخلوا المسجد ونادوا أحد أحد، وصعد الافطس المنارة، وأجبر المؤذّن على قول: حيّ على خير العمل وصلى الحسين بالناس الصبح.
فخطب بعد الصلاة وبايعه الناس، وبعد أن استولى على المدينة توجّه نحو مكة وبعد أن وصل الى ( فخ ) فعسكر فيه وكان معه (300 ) مقاتل ولحقته الجيوش العبّاسية وبعد صراع رهيب استشهد الحسين وأصحابه وأرسلت رؤوس الأبرار الى الطاغية موسى الهادي، ومعهم الأسرى وقد قيّدوا بالحبال والسلاسل ووضعوا في أيديهم وأرجلهم الحديد، وأمر الطاغية بقتلهم فقتلوا صبراً وصلبوا على باب الحبس
نتائج الثورة /دعاء موسى الكاظم على الطاغية العباسي الهادي فمات.
بعد ان انتهت الثورة باستشهاد «الحسين صاحب فخ» وصحبه أخذ الهادي يتوعّد الأحياء منهم، وقد ذكر سيدهم الإمام موسى قائلا: والله ما خرج حسين إلاّ عن أمره، ولا اتّبع إلاّ محبته، لأنه صاحب الوصية في أهل هذا البيت. قتلني الله ان أبقيت عليه[13].
وكتب علي بن يقطين الى الإمام موسى(عليه السلام) بصورة الأمر فورد الكتاب، فلما أصبح أحضر أهل بيته وشيعته فاطّلعهم على ما ورد عليه من الخبر فقال: ما تشيرون في هذا ؟
فقالوا: نشير عليك ـ أصلحك الله ـ وعلينا معك أن تباعد شخصك عن هذا الجبّار وتغيّب شخصك دونه.
فتبسم الإمام موسى(عليه السلام) ثم تمثّل ببيت كعب بن مالك أخي بني سلمة وهو :
زعمت سخينة أن ستغلب ربّها***فليغلبنَّ مغالب الغلاب
وأقبل الإمام نحو القبلة ودعا بدعاء الجوشن الصغير المعروف الوارد عنه(عليه السلام) ثم قال(عليه السلام): «قد ـ وحرمة هذا القبر ـ مات في يومه هذا والله (وانه لحق مثل ما أنكم تنطقون)[14] ».
قال الراوي: ثم قمنا الى الصلاة وتفرّق القوم فما اجتمعوا إلاّ لقراءة الكتاب الوارد بموت الهادي والبيعة للرشيد
أحداث بعد الواقعة:
1ـ قال ياقوت: (بقي قتلاهم ثلاثة أيّام ..ولهذا يقال: لم تكن مصيبة بعد كربلاء أشد وأفجع من فخ) (5).
2ـ عن بعض الطالبيين قال: لما قتل أصحاب فخ جلس موسى بن عيسى بالمدينة، وأمر الناس بالوقيعة على آل أبي طالب، فجعل الناس يوقعون عليهم حتّى لم يبق أحد (6).
3ـ قالوا: ولمّا بلغ العمري وهو بالمدينة قتل الحسين بن علي صاحب فخ، عمد إلى داره ودور أهله فحرقها، وقبض أموالهم ونخلهم، فجعلها في الصوافي المقبوضة (7).
4ـ نقل أبو نصر البخاري عن محمّد الجواد (عليه السلام) أنّه قال: (لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ) .
تأبين الإمام الكاظم (عليه السلام) لصاحب الواقعة:
لمّا سمع الإمام الكاظم (عليه السلام) بمقتل الحسين (رضي الله عنه) بكاه وأبّنه بهذه الكلمات: (إنّا لله وإنّا إليه راجعون، مضى والله مسلماً صالحاً، صوّاماً قوّاماً، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، ما كان في أهل بيته مثله) (9).
وقال الشاعر دعبل الخزاعي:
قبور بكوفان وأُخرى بطيبة ** وأُخرى بفخ نالها صلواتي (10).
فضل شهداء الواقعة:
1ـ
عن زيد بن علي (عليه السلام)، قال: انتهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى موضع فخ، فصلّى بأصحابه صلاة الجنازة، ثم قال: (يقتل ها هنا رجل من أهل بيتي في عصابة من المؤمنين، ينزل لهم بأكفان وحنوط من الجنّة، تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنّة) (11).
2ـ عن الإمام محمّد الباقر (عليه السلام)، قال: مر النبي (صلى الله عليه وآله) بفخ، فنزل فصلّى ركعة، فلمّا صلّى الثانية بكى وهو في الصلاة، فلمّا رأى الناس النبي (صلى الله عليه وآله) يبكي بكوا، فلمّا انصرف قال: (ما يبكيكم)؟ قالوا: لمّا رأيناك تبكي بكينا يا رسول الله.
قال: (نزل عليّ جبرائيل لمّا صلّيت الركعة الأُولى فقال: يا محمّد، إنّ رجلاً من ولدك يقتل في هذا المكان، وأجر الشهيد معه أجر شهيدين) (12).
3ـ عن النضر بن قرواش، قال: أكريت جعفر بن محمّد (عليهما السلام) من المدينة إلى مكّة، فلمّا ارتحلنا من بطن مر، قال لي: يا نضر، إذا انتهيت إلى فخ فأعلمني، قلت: أو لست تعرفه؟ قال: بلى، ولكن أخشى أن تغلبني عيني، فلمّا انتهينا إلى فخ دنوت من المحل، فإذا هو قائم فتنحنحت فلم ينتبه، فحرّكت المحمل فجلس، فقلت: قد بلغت.
فقال: حل محملي. فحللته، ثم قال: صل القطار، فوصلته، ثم تنحيت به عن الجادة، فأنخت بعيره، فقال: ناولني الإداوة والركوة، فتوضّأ وصلّى ثم ركب.
فقلت له: جعلت فداك، رأيتك قد صنعت شيئاً. أفهو من مناسك الحج؟ قال: (لا، ولكن يقتل ها هنا رجل من أهل بيتي في عصابة تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنّة) (13).
4ـ عن موسى بن عبد الله بن الحسن، قال: حججت مع أبي، فلمّا انتهينا إلى فخ أناخ محمّد بن عبد الله بعيره، فقال لي أبي: قل له يثير بعيره. فقلت له فأثاره، ثم قلت لأبي: يا أبه، لم كرهت له هذا؟ قال: إنّه يقتل في هذا الموضع رجل من أهل بيتي يتعاوى عليه الحاج، فنفست أن يكون هو (14).
الحد الذي شابهت به واقعة كربلاء واقعة فخ :
إنّ الّذي يقف على وقعة فخ ومأساتها وأهميّتها التاريخية والحركية يدرك أنّها تكرار لواقعة كربلاء وصدىً لصوت الحسين السبط الشهيد، حتّى أنّ الّذي يقرأ تقريعَ زينبَ لاهلِ الكوفة ، ويُصغي إلى لوعتها وشكواها ، لا يشكُّ أنّ كربلاء تكرّرت في فخ ، وأن مأساة أهل البيت (ع) تجدّدت في هذه الارض الطّاهرة ، فزينب بنت الامام عليّ بن أبي طالب ، بنت فاطمة بنت رسول الله (ص) بالامس تخاطب أهل الكوفة بعد أن شهدت المأساة ووقفت على مصارع أهل البيت وقتلاهم :
«ويلكم ، أتدرونَ أيّ كبد لرسولِ الله فريتم ؟ وأيّ كريمة لم أبرزتم ؟ وأيّ دم له سفكتم ؟ وأيّ حُرمة له انتهكتم ؟ » .
ويعيد التاريخ نفسه فيحدِّثنا أن زينب بنت عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ ابن أبي طالب اُمّ الحسين بن عليّ صاحب ثورة فخ الشهيرة تعيشُ المأساةَ نفسها ، وتعاني اللّوعةَ ذاتها ، تلكَ المرأة العابدة الّتي قَتَلَ أبو جعفر المنصـور أباها وأخاها وعمومتها وبنيهم وزوجها ، فكانت تلبسُ المسـوحَ ولا تجعلُ بين جسدِها وبينها شعاراً حتّى لحقت بالله عزّ وجلّ ، وكانت تندِبُهُم وتبكي حتّى يُغشى عليها ، ولا تذكر أبا جعفر بسوء تحرُّجاً مِن ذلك وكراهة لان تشفي نفسها
المصادر
ـ أعيان الشيعة 7/133.
2ـ مقاتل الطالبيين: 298.
3ـ المصدر السابق: 304.
4ـ بحار الأنوار 48/150.
5ـ موسوعة المصطفى والعترة 11/369 عن معجم البلدان 4/269.
6و7ـ مقاتل الطالبيين: 303.
8ـ عمدة الطالب: 183.
9ـ مقاتل الطالبيين: 302.
10ـ روضة الواعظين: 221.
11ـ مقاتل الطالبيين: 289.
12و13و14ـ المصدر السابق: 290