السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد الطييبين الطاهرين
اخاوني واخواتى اعضاء الشبكة المباركة منذ فترة قمت باجراء بحث
حول ولاية الفقييه واحببت ان ابحر معكم في هذه السفينة المباركة
ولكن عبر مرحلتين مرحلة ارى ان كان الموضوع قد نال رضاكم واعجابكم فابحر ثانيتا في لبه وعمقه والا اوقف سفينتى حيث هي :
مقدمات تمهيدية :
أولاً : الولاية في اللغة والاصطلاح :
ذكر الجوهرى في الصحاح (وهو من الكتب اللغوية المعتبرة ) إن الوليّ :بمعني القرب والدنو
،ويقال تباعدنا بعد ولي .... والمولى :المعتِق والمعتَق ،وابن العم ،والناصر،والجار ...وكل من ولي امر واحد فهو وليه .(1)
وقال الراغب الااصفهاني في شرح مفردات ألفاظ القرآن : الولاء والتوالي: ان يحصل شيئان
فصاعداً حصولاً ليس بينهما ما ليس منهما ، ومن حيث الدين ...وقيل الولاية والوَلاية نحو الدِلالة والدَلالة ، وحقيقته تولّي الامر .(2)
وفي لسان العرب ذكر ابن منظور : أن الولّي : ولّي اليتيم الذي يلي أمره ويقوم بكفاييته ... (3)
ويظهرُ مما تقدم : أن الولاية تشعر لغة بالتصدّي لشان من شؤون الغير والتصرف فيه ، لأنّ التقارب بين شيئين لا يخلو من تأثير أحدهما في الآخر .
أما من جهة الاستعمال فيبدو مما ذكر (4) ،إن الولايية تتخذ معناها من خصوصية المقام (المستعملة فيه) مع بقاء المعني اللغوي محفوظاً فيها .
من هنا ،وعبر مراعاة هذه المزية الاخيرة – بقاء المعني اللغوي – يتَّضح انَّ مفهوم الولاية هو
من المفاهيم المشككة التي تختلف شدة انطباقها بحب المصاديق ومقامات الاستعمال ، ويترتب على
ذلك أن تكون الحاكمية والتصرف المطلق في شؤون الغير من أعلى مراتب الولاية التي عليها سيدور الحديث في النقاط المقبلة .
ثانياً : من الذي يضع القانون :
إنَّ القانون يؤمِّن الهدف للحياة الاجتماعية ،ولما كان هدف الحياة الاجتماعية هو الاستزاده قدر
الإمكان وعلى نحو أفضل من الكمالات المادية والمعنوية ، لزم ان يكون القانون مطلوباً ، قانوناً
يساعد جميع أفراد المجتمع على التكامل المادي والمعنوي بما يشمل جميع أبعاده وشؤون الإنسان .
فلو كان القانون مفيداً لفئة ما ويؤمن مصالحها الخاصة ، لكنّه يجعل البقية محرومة _سواء كانت البقية اقلية ام أكثرية – فلن يكون مطلوباً .
فإحدى خصائص القانون إذاً ، ان يكون مفيداً لجميع الناس ، الذين يعيشون داخل المجتمع ، ويؤمن مصالح الجميع بأفضل صوره.
الناحية الاخرى للقانون المطلوب ، انه لا يكتفي بالمصالح المادية للناس بل يكون عاملاً أساسياً في
تكاملهم المعنوي أيضاً . ففي الرؤية الإسلامية لا يختصر وجود الإنسان بالبعد المادي فقط ، فهو
موجود له أبعاد مادية وروحية ،بل ،أن البعد الحقيقي لوجوده هو البعد الروحي . أمّا المادة والبدن
فهما وسيلة لتكامله المعنوي والروحي . فالقوانين الاجتماعية للإنسان ينبغي أن تكون بشكل يؤمٍّن المصالح المعنوية والتكامل الروحي ، أو بالحد الأدني لا تتنافى مع هذا التكامل .
ومن هنا ينبغي للمشرع (أي الذي يضع القانون ) ،ان يكون عالماً بلا حدود بجميع المصالح
الفردية والاجتماعية ن الجسمية والروحية للإنسان ، حتى يتمكن من وضع القانون الذي يشمل جميع الابعاد المذكورة ، ولا توجد هذه الصفات إلاًّ في الله تعالى .(5)
فهو سبحانه وتعالى الخالق ،والخالق أعلم بحاجات مخلوقه ، كما أن المخترع أو الصانع أعلم بما صنع وما يحتاج إليه هذا الذي صنعه من أمور أساسية وغيرها .
فالله تعالى هو الذي خلق الناس ، وهو اعلم بما يحتاجون إليه لكي يصلوا الى سعادتهم .
والقانون الذي ينبغي أن يوضع لا بدًّ ان يراعي شؤون الإنسان كافة ،وحاجاته المتنوعة .
والله تعالى هو الوحييد القادر على معرفة كل حاجات الإنسان .
إذن فالذي يضع لنا القوانين والاحكام نهو الله تعالى خالق الإنسان وفاطره .
فالنظرة الاسلامية تقول بان حق الحكم لله فقط ، لان الإنسان عليه ان يُطيع خالقه الذي اوجده .
وحيث ان الافراد العاديين لم يكونوا هم الخالقين ولا مؤثرين في بقائه واستمراره ،لهذا لا يجب
على الإنسان ان يطيع أحداً الا الله الذي بيده جميع شؤونه ،هو المالك الحقيقي والولي الواقعي للإنسان .فاتباع وطاعة غيير الله مشروطة بان تكون من الله تعالى .
يقول سبحانه في القرآن الكريم : (( وللّه ملك السماوات والأرض ،والله على كل شبئ قدير )) (6)
ويقول تعالى في آية أخرى : (( إن الحكم إلالله ، أمر ألا تعبدوا إلا إياه )) (7)وغيرها من الآيات القرآنية .
ثالثاً : ما هو دور الانبياء والائمة في هذه الحياة ؟
تبيًّن –مما سبق- ان حق الحكم ،والحكومة بختصر بالله تعالى ،وان الإنسان مكلف بالطاعة
والتسليم لإرادة الله ن حيث كل وجوده ومجهوده منه تعالى . اما طاعة غير اللع تعالى فإنها مشروطة بان تكون معينة من جانب الله وبإذنه . (
فالله سبحانه وتعالى أمر الإنسان بان يطيعه في كل شيء وان يرجع اليه في كل شيء ،وامرنا
بطاعة رسله الذين بعثهم إلى البشرية كافة . هؤلآء هم الانبياء والرسل الذين ثبتت رسالتهم بالتحدي والإعجاز من الله تعالى ، ولكن لماذا أمرنا بطاعتهم والرجوع إليهم ؟
الجواب بسيط جداً ،لأنهم (ع) المبينون لاحكام الله المكلفون بتطبيقها . فإذا أراد الله تعالى أن يبيًّن حكماً او امراً فكيف يبينه ؟
إنه يظهره على أيدي أنبيائه ـلانهم أقرب الناس إليه ، وفي الواقع تصبح طاعة هؤلآء الانبياء طاعة لله تعالى ن لأن الله تعالى هو الذي أمر بالرجوع إليهم وأخذ دين الله وتعاليمه منهم .
يقول الله تعالى في كتابه المجيد : (( وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله )) (9)
فارسل الله تعالى الأنبياء وجعلهم حجة على الناس لكي لا يحتج الناس يوم القيامة فيدَّعون أنَّ الله
لم يبعث إليهم من يهديهم ، وتوالت مسيرة بعث الانبياء والرسل حتي وصلت إلى خاتم الانبياء
محمد (ص) فختم بظهوره الشريف النبوة يقول الله تعالى : (( ما كان محمد أبا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين )) (10)
وبهد ختم النبوة ، بدات مرحلة الامامة إذ لا يعقل ان لا يكون بعد النبي (ص) اوصياء ،يبلغون احكام
الله إلى الناس . وهؤلآء ايضاً يعُّنهم الله ويجتبيهم ،كما فعل مع الأنبياء سابقاً .فحدَّد لنا النبي
الأكرم (ص) الخلفاء من بعده وعدَّهم بأسمائهم وهم : علي والحسن الحسين (ع) وألناء الحسين التسعة المعصومون (ع) وآخرهم الإمام الحجة المهدي (عج) .
وأمرنا الله في كتابه بطاعة الإمام والرجوع إليه وأخذ التكليف الشرعي منه ،فقال تعالى : (( اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) (12) .
فمن هم أولوا الامر الذين قرن الله طاعته بطاعتهم ، غنهم اهل البيت ( ع ) بقول القرآن الكريم : (( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون )) ( 13)
هذه الآية الشريفة يتفق المفسرون على نزولها في أمير المؤمنين (ع) حين تصدق بخاتمه الشريف
وهو قائمٌ يصلي. فإذا جمعناها مع الآية السابقة ، تبيَّن ان أولي الامر واولياء الله تعالى هم الائمة
المعصومون (ع) ،اولهم علي (ع) وآخرهم الإمام المهدي (عج) ،الإمام الغائب ،وهو الواجب
الطاعة في هذا العصر . اما دور الانبياء والأئمة (ع) في هذه الحياة فهو نشر دين الله ،وإقامة حكمه تعالى ،ليكون الحكم لله وحده
هذا القسم الاول من البحث اردت ان اضعه بين ايديكم وسوف انتظر ردودكم وتعليقاتكم فان كانت السفينة يتواجد بها طلاب لهذا الموضوع اكمل رحلتى والا فااقف عند هذا الحد
الهوامش :
(1) - الجوهري ،اسماعيل بن حماده ،الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية ،ج6
(2)- ابن منظور الإفريقي ،لسان العرب ،ج 15 ، ص 407
(3)- الراغب الأصفهاني ،مفردات ألفاظ القرآن ،ص533
(4) - خصوصاً ما ورد في كتاب صحاح العربية
(5) - جعفر كريمي ،ولاية الفقيه ، ص 9-10
(6) - سورة آل عمران ،آية 189
(7) - سورة يوسف ، آية 90
(
- جعفر كريمي ،ولاية الفقيه ،ص13
(9) - سورة النساء ،آية 64
(10) - سورة الاحزاب ،آية 40
(11) - سورة الحشر ،آية 75
(12) - سورة النساء ، آية 59
(13) - سورة المائدة آية 55