بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
قد يستغرب البعض من طرح مثل هذا السوأل والإجابة عليه واضحة كالشمس في رابعة النهار ولكن ما دفعني لطرحه هو تعمد بعض المتحذلقين من أتباع وأشياع الشجرة الخبيثة بني أمية لمحاولة التحريف والتمويه وتبرأة المجرم من دم الصديق فقالوا أن من قتل سيد الشهداء عليه السلام هم شيعته من أهل الكوفة وقالوا أيضاً أن سيد الشهداء عليه السلام قُتل بسيف جده
وفي الواقع إن هذا المنطق ليس غريباً على هؤلاء فجوابهم الأول قد سبقهم إلى مثله إمامهم معاوية بن ابي سفيان الذي إدعى يوم صفين أن الصحابي الجليل عمار بن ياسر قتله علي بن ابي طالب عليه السلام بإحضاره طبعاً كان من المستحيل في وقتها تكذيب قول رسول الله صلى الله عليه وآله في عمار " يا عمار تقتلك الفئة الباغية " فتم تحوير وتمويه الحديث تماماً كإجابة هؤلاء عن قاتل سيد الشهداء عليه السلام
ووفق هذا المنطق الأخرق نستطيع القول أن من شجّى رأس النبي صلى الله عليه وآله وكسر رباعيته الشريفة يوم اُحد ليس المشركين بل أصحابه الذين فروا من ساحة المعركة وتركوه وحيداً مع ثلة قليلة وهكذا ينقلب التاريخ إلى مهزلة وفق هذا المنطق
أما قولهم أن سيد الشهداء قُتل بسيف جده فلم أجد جواباً يضاهيه وقاحةً فقد تناسوا عشرات الأحاديث الصحيحة التي ذُكرت في كتبهم كقول النبي صلى الله عليه وآله " الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة " و" الحسن والحسين إماما قاما أو قعدا" وغيرها الكثير ولكن بحذلقة خبيثة تحول سيد الشهداء عليه السلام سيد شباب أهل الجنة والإمام إلى خارج على إمام زمانه أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ويستوجب فعله هذا القتل وفق دين جده سبحان الله
{وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ..}
إن كتب السير والتواريخ المختلفة أجمعت أن الأوامر صدرت وبشكل صريح من السلطة الأموية بتخيير سيد الشهداء عليه السلام بين أمرين إما النزول عند بيعة يزيد وإما القتل ولا خيار ثالث ومن الطبيعي أن الخيار الأول يعني عملياً إندثار الإسلام وهوخلاف إعلان النبي صلى الله عليه وآله " ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع " وقوله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع " إن الزمان والسموات قد إستدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض " لإن مبايعة سيد الشهداء عليه السلام ليزيد معناه الموافقة والإقرار على عناوين وثوابت جاهلية اي إسباغ الشرعية على إنقلاب مضاد على الإسلام المحمدي وهذا ما يستحيل على ابي عبد الله عليه السلام الموافقة عليه
فكان الأمر بالقتل مباشر من يزيد والمنفذ إبن زياد أما موقف أهل الكوفة فقد إنقسم إلى عدة فئات
- الفئة الأولى حال بينها وبين الوصول لنصرة ابي عبد الله عليه السلام جيش ابن زياد وبعضهم اودع غياهب السجون
- الفئة الثانية تخاذلت عن النصرة لضعف في نفوسهم وميلهم لحب الدنيا وإن كانوا يحملون في قلوبهم هوى وحب لسيد الشهداء وهم الأغلبية كما وصفهم الفرزدق بقوله " قلوبهم معك وسيوفهم عليك "
- الفئة الثالثة شاركت بالقتل الفعلي طمعاً بمكاسب دنيوية وهم الأقلية
وهذه مسألة مهمة نوضح من خلالها أنه خلاف ما هو إعتقاد البعض أن أهل الكوفة برمتهم إلتحقوا بجيش يزيد وشاركوا بقتل ابي عبد الله عليه السلام ويتوضح هذا الأمر أكثر من خلال ثورة المختار الثقفي الذي إنتقم من قتلة ابي عبد الله عليه السلام وإقتص منهم عن بكرة ابيهم فلم يبلغ عددهم المأتين ونيف تقريباً وفق قول معظم المؤرخين وهو عدد قليل جداً بالقياس لعدد سكان أهل الكوفة
ثانياً وهو الأهم القول أن الشيعة قتلوا سيد الشهداء عليه السلام هو مجرد تلاعب بالألفاظ هدفه التمويه على عقول البسطاء فكيف يصح القول أن من يعتقد إمامة وولاية الإمام الحسين عليه السلام قتل إمامه فالتشيع ليس مجرد صفة أو لقب أو كلمة تدون على الهوية الشخصية للمرء بل هي إعتقاد وإيمان بالقلب وعمل بالجوارح وتنطبق من خلال السلوك فيستحيل على من ساهم وشارك في قتل أبي عبد الله عليه السلام أن يكون في قلبه ذرة حب له فهل هذا من التشيع وتعريفه بشيء حتى يقول المتحذلقون ما يقولون
قال الله تعالى
{وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ }
فلنتدبّر مصطلح التشيع القرآني ففيه الحجة والبيان الكافي
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كفعمي العاملي
19-12-2009