الاسبوع الماضي سافر رئيس وزراء الهند منموهن سنغ الى الرياض، الى مؤتمر قمة مع عبدالله ملك العربية السعودية.
في ختام المؤتمر، بعد أن طلبت الهند من السعودية 'التأثير' على باكستان بحيث تتشدد أكثر مع منظمات الارهاب العاملة في حدودها، وقعت الدولتان على 'تصريح الرياض': بالاساس تسويات ووعود في مواضيع النفط (الهند هي من الزبائن الكبار للنفط السعودي)، ترتيبات في موضوع مليوني هندي يسكنون في السعودية، واعلانات عن 'رغبة صادقة' في تطوير مشاريع مشتركة.
ولكن البند الاكثر تغطية من ناحية اعلامية هو الذي يقول ان الهند 'توافق على المشروع العربي بالنسبة للشرق الاوسط'، وتدعو، الى جانب السعودية، الى 'محادثات شاملة تؤدي في غضون وقت محدد مسبقا، الى اقامة دولة فلسطينية موحدة، مستقلة وسيادية، حسب مبدأ الدولتين'. اضافة الى ذلك، يصف الاعلان المستوطنات بانها عائق في وجه السلام. 'هذا هو الانتقاد الاشد على اسرائيل حتى الان'، قال لنا محلل سياسي كبير في الهند. 'لم يسبق ان كان لنا رئيس وزراء ايد حتى هذا القدر الكفاح الفلسطيني'.
'هل بدأ عهد جديد من التقارب بين الهند والعالم العربي؟ هل يوجد لنا ما نربحه؟' سألت العناوين الرئيسية للصحف الهامة. محرر مجلة أخبار رئيسية هاتف لاستيضاح رد فعل اسرائيل على التصريح. 'هل يوجد احساس بالقلق، الخيانة؟'، سأل. عندما أجبته بانه حسب علمي لم يكن هناك أي موقف من الامر في البلاد، دهش المحرر. 'هل هذا انطلاقا من الثقة التامة بالصداقة بيننا ام من اللامبالاة؟'، حقق، وطلب مني مقالا لصفحة الرأي.
هذا مقال الرأي الثاني الذي طلبوه مني هذا الشهر: بعد العملية الارهابية في بوني طلب الي أن اكتب، كاسرائيلية، عن الحياة في ظل الارهاب. وفوجئ المحرر من كمية ردود الافعال على المقال اياه. 'ابدا لم اكن قريبا من اسرائيل بهذا القدر'، كتب احد المعقبين سنجيب(25) من بنجلور. 'في الماضي كان لدي احساس غامض بان اسرائيل (تستحق) هذا اما نحن فلا. اما الان فاني افهم بان هذا لا يستحقه احد، وان اسرائيل هي مثل الشقيقة لنا (كانت هناك بالطبع تعقيبات اقل عطفا).
مبدئيا الهنود، اولئك من بين المليار وربع الذين سمعوا عنا يشعرون بالود والقرب الحدسي من اسرائيل، ومعظمهم يعتقدون بان اسرائيل ايضا تود الهند. في غضون وقت قصير منذ اقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين طرأ تطور مذهل في التعاون الاقتصادي، التجاري والعلمي. زيارات متبادلة لوزراء وللمستوى البيروقراطي اصبحت شبه اسبوعية. والعلاقة تبدو صلبة، رغم العجب/النفور من السلوك الفظ احيانا لبعض من الاسرائيليين الشبان هنا، رغم العجب/النفور من شائعات متكررة عن فساد كبير في صفقات السلاح (الكثيرة جدا) مع الصناعة الامنية الاسرائيلية، ورغم الانتقاد الحاد في الموضوع الفلسطيني. وللمفارقة ربما ثمة هنا ايمان بالطاقة الاخلاقية الكامنة لدينا، وامكانيات تطوير صداقة حقيقية، تتجاوز الاستراتيجيات والمصالح الاقتصادية والامنية صداقة تقوم على اساس القيم الروحية الانسانية القابعة في اساس ثقافتينا القديمتين.
فور التوقيع على 'تصريح الرياض' ادعت اصوات عديدة هنا بانه لعل علاقة اوثق مع السعودية هي الامر السليم استراتيجيا، ولكن هذه كانت منظومة علاقات عديمة المحبة (مكانة المرأة في العالم العربي، مثلا، لا تطاق في نظر مقرري الرأي العام هنا).
الهند يمكنها أن تكون صديقا طيبا لنا، ليس لانها سوق هائل للسلاح والبيوتكنولوجيا الاسرائيلية بل لان الشعب هنا يريد ان نعبر عن المكامن الاكثر جمالا لدينا، وكثيرون هم الاسرائيليون الذين يريدون منها ذات الشيء. من المجدي لنا أن نبقي هذه العلاقة قريبة من القلب.
ايمي جينزبورع
يديعوت
قناة العالم