حملت جنازة عقلي معي وجئتك في عاشق لا يعي
أحسك ميزان ما أدّعيه إذا كان في الله ما أدّعي
أقيس بحبك حجم اليقين فحبك فيما أرى مرجعي
خلعتُ الأساطير عني سوى أساطير حبك لم أخلع
وغصتُ بجرحك حيث الشموس تهرول في ذلك المطلع
وحيث المثلث شق الطريق أمامي إلى العالم الأرفع
وعلمني أن عشق الحسين انكشاف على شفرة المبضع
فعرّيت روحي أمام السيوف التي التهمتك ولم تشبع
وآمنت بالعشق نبع الجنون فقد برئ العشق ممن يعي
وجئتك في نشوة اللا عقول أجرّ جنازة عقلي معي
أتيتك أفتل حبل السؤال: متى ضمّك العشق في أضلعي؟
عرفتُك في الطلق جسر العبور من الرحم للعالم الأوسع
ووالدتي بك تحدو المخاض على هودج الألم الممتع
وقد سرتَ بي للهوى قبلما يسير بي الجوع للمرضَع
لمستُك في المهد دفء الحنان على ثوب أمي والملفع
وفي الرضعة البكر أنت الذي تقاطرتَ في اللبن الموجع
قبل الرضاعة...قبل الحليب... تقاطر اسمك في مسمعي
فأشرقتَ في جوهري ساطعاً بما شعّ في سرك المودع
بكيتك حتى غسلت القماط على ضفتي جرحك المشرع
وما كنت أبكيك لو لم تكن دماؤك قد أيقظت أدمعي
كبرتُ أنا ...والبكاء الصغير يكبر عبر الليالي معي
ولم يبق في حجم ذاك البكاء مصبٌّ يلوذ به منبعي
هنا في دمي بدأت كربلاء وتمّت إلى آخر المصرع
كأنك يوم أردتَ الخروج عبرتَ الطريق إلى أضلعي
ويوم انحنى بك متن الجواد سقطتَ ولكن على أذرعي
ويوم توزعتَ بين الرماح جمعتُك في قلبي المولع
فما أبصرتُ مبدعاً كالحسين يخطُّ الحياة بلا اصبع
ولا عاشق كأبي فاضل يجيد العناق بلا أذرع
تطل على خاطري كربلاء فتختصر الكون في موضعي
هنا حينما انتفض الأقحوان وثار على التربة البلقع
هنا كنتَ أت تمطّ الجهات وتنمو بأبعادها الأربع
وتحنو على النهر نهر الحياة يحاصره ألف مستنقع
ذكرتك فانساب جيد الكلام على جهة النشوة الأروع
وعاقرتُ فيك نداء الحياة إلى الآن ظمآن لم يفقع
فما برح الصوت هل من مغيث يدوي يدوي ولم يُسمَع
هنا في دمي نبتت كربلاء وأسنانها الشمّ لا تُقلع
وإصبعك الحر لمّا يزلّ يدير بأهدافه إصبعي
فأحشو قناديل شعري بما تنوّر من فتحك الأنصع