حفلت الاشهر القليلة الماضية باحداث مفتعلة بأغلبها في لبنان وجنوبه بشكل خاص، توحي بأن ثمة قوى داخل لبنان وخارجه تحضّر المسرح المحلي والاقليمي سياسيا واعلاميا لحدث كبير ما، يرجح البعض انه قد يكون حربا اسرائيلية محدودة الزمان والمكان، بهدف تغيير المعطيات وقواعد اللعبة، وطبعا لمصلحة إسرائيل السياسية والامنية.
بدأ تحضير المسرح بإطلاق الصواريخ المشبوهة من الجنوب باتجاه شمال فلسطين المحتلة، مرورا بالتعاطي السياسي والاعلامي مع حادثي التفجير اللذين حصلا في خربة سلم وطيرفلسيه، وصولا الى تقريري الامين العام للامم المتحدة حول سير تنفيذ القرارين 1559 و1701، وقد لا ينتهي بما اعلنه الكيان الاسرائيلي عن خطف الباخرة قبالة سواحل قبرص وقال انها تحمل صواريخ واسلحة من ايران الى سوريا ومنها الى حزب الله اللبناني، ولم تنس اسرائيل ان تضمّن حملتها السياسية والاعلامية الدولية معطيات ومعلومات عن ان هدف هذه الاسلحة هو استهداف «المناطق الاسرائيلية»، وان هدف القرصنة الاسرائيلية هو «الدفاع عن الكيان واهله».
ثمة حلقة تمتد من اسرائيل الى الامم المتحدة، مرورا بأوروبا وبعض الداخل اللبناني والمحيط العربي، تعمل للترويج «لحالة هجومية ضد اسرائيل يجب ان تقابل بحالة دفاعية منها» ضد كل مقاومة سواء في فلسطين او لبنان، معطوفة على ترويج بأن كل هذه المقاومة انما هي ارهاب ضد اسرائيل!
وثمة حملة منتظمة منذ اسابيع تربط وجود سلاح المقاومة، بمواضيع مثل تعثر تشكيل الحكومة اللبنانية، وتعثر تطبيق القرارين 1559 و1701، وتعثر وضع الاستراتيجية الدفاعية، وتعثر تطبيق اتفاق الطائف، وتعذر التفاهم اللبناني الداخلي. ومعلومة هي الجهات التي تشتغل على هذا الموضوع في الداخل وتجد لها اصداء في الخارج.
ثمة من يحاول ان يوحي ان سلاح المقاومة هو مصدر التخريب لكل حالات السلام والتفاهم والحوار والحب وبناء الدولة و...، وانه يجب بالتالي ان يوضع حد لهذه المقاومة الهدامة «لثقافة الحياة» لفتح الطريق امام «ثقافة السلام» العالمي المنطلق من الشرق الاوسط، ومن لبنان تحديدا، لوضع حد للحروب.
اكثر من علامة استفهام امني وسياسي اثيرت حول صحة معلومات اسرائيل عن الباخرة «المقرصنة»، لا سيما حول وجهتها وحمولتها، وذكرت بعض التقارير الخارجية انها انما كانت تتجه من سوريا الى ايران عبر احد مرافيء مصر، وليس العكس، والا فكيف عبرت قناة السويس المصرية ووصلت حدود قبرص فخرجت لها البحرية الاسرائيلية متجاوزة المياه الاقليمية لفلسطين وكل حراس البحار الدوليين في البحر المتوسط؟
من اعطى المعلومات، ومن أذن لاسرائيل باعتراض الباخرة في المياه الدولية، ومن يجزم ان الصواريخ والاسلحة التي عرضتها اسرائيل عبر اعلامها هي فعلا حمولة الباخرة الحقيقية؟ والى ماذا ترمي هذه الحملة الدبلوماسية ـ الاعلامية الكبيرة التي بدأتها اسرائيل ودعمتها اجهزة اعلام غربية كبرى؟ وكيف ستتصرف سوريا قانونيا ودبلوماسيا عبر المنتديات الدولية طالما انها اعلنت ان الباخرة تحمل شحنة بضائع مدنية؟
انه تحضير المسرح الدولي والاقليمي للحرب، عبر مراكمة كل المعطيات والوقائع، ولو المفبركة والمفتعلة والمدسوسة، لإظهار اسرائيل بمظهر المعتدى عليها والمستهدفة بالارهاب، وقد وضعت اسرائيل بهذه اللعبة اكثر من هدف لها، قد تكون ايران، وقد تكون سوريا، وقد يكون لبنان؟
بعض «سيئي النية» يعتبرون ان تأخير تشكيل الحكومة بضغط اميركي، انما هو من ضمن تحضير المسرح للحرب، إذ لم يخرج من ينفي المعلومات عن ان ثمة طلبا اميركيا بعدم إشراك حزب الله في الحكومة، او على الاقل لتشكل الاكثرية حكومتها بوجود الثلثين المعطلين فيها، وتكون هي المقررة في ادارة الدولة؟
هل من ينفي؟