اثناء تفكيك قذيفة من مخلفات العدوان الإسرائيلي في تموز عام 2006 خرج البارود من حشوتها و بسبب خطأ فني اشتعل فأحدث انفجارا محدودا نتج عنه حريق في أرضية كاراج منزل في بلدة طيرفلسية و أدى الحادث في حصيلته لجرح شخص نقل إلى المستشفى .
قصة عادية و تقليدية يعرف الجنوبيون مثيلاتها عشرات القصص المشابهة في السنة منذ أكثر من نصف قرن في تعاملهم مع القذائف و الألغام الباقية جراء الحروب الإسرائيلية و الاعتداءات المستمرة على لبنان سواء كانت في الحقول و البراري أم وضعت في فناء بعض البيوت للتخلص منها لاحقا بعد نزع صواعقها وهو ما يقوم به بعض تجار الخردة الذين يبيعون الذخائر البالية ككتل معدنية بعد استخراج حشواتها المتفجرة .
فور الحادث تحركت وسائل إعلامية لبنانية و عربية و أجنبية عاملة في لبنان و مواقع إلكترونية عديدة لتعلن تباعا و بصيغ مختلفة مجموعة أخبار مختلقة و تبين بطلانها فزعمت أن مسؤولا في حزب الله تم اغتياله و أن مبنى من ثلاث طبقات قد دمر و بات أنقاضا نتيجة عملية تفجير تستهدف شخصية قيادية من حزب الله و أن سبعة من أعضاء الحزب قتلوا و أن خمسة هم القتلى في رواية أخرى و قد تواضع آخرون في الكذبة فأحصوا في خيالهم قتيلا و بضعة جرحى اختلفوا في تعدادهم ، و اليوم تستمر عملية البناء السياسي في استغلال الكذبة و استثمارها للتحريض على المقاومة و من غير أي خجل أو تردد .
عمم حزب الله خلال أقل من ثلاث ساعات بعد الحادث معلومات واضحة قدمت للمراسلين إثر انتهاء المسؤولين الإعلاميين في الحزب من تجميع المعطيات من مصادرها المباشرة و جزم الحزب بأن الحصيلة هي جرح مواطن ، لكن بعض وسائل الإعلام أصرت على ترويج الخبر الكاذب و ذروة الفضيحة كانت في الوكالة الوطنية للإعلام التي صممت على الخبر الكاذب الذي استقته من رويترز و حتى بعدما تراجعت الوكالة الأجنبية عن روايتها و هي كانت قد تأكدت من صحة رواية الحزب بواسطة مراسلين على الأرض زاروا طيرفلسية و تأكدوا من الوقائع .
الوكالة الوطنية تعمل تحت إشراف وزارة الإعلام و هي خالفت الأصول المهنية فنقلت خبرا عن حدث لبناني من وكالة رويتز الأجنبية و هي مفارقة تخالف العرف المهني المعمول به في جميع أنحاء العالم بأن تكون الوكالة المحلية هي المصدر الذي تستقي منه الوكالات الأجنبية و تنسب إليه أخبارها عن الأحداث المحلية في البلد المعني و ليس العكس ، خصوصا عندما تكون الوكالة رسمية وتابعة للدولة فمعنى ذلك أنها تستقي المعلومات من مصادرها الوطنية مباشرة وكان الحري بالوكالة الوطنية توخي الدقة و انتظار بيان رسمي لقيادة الجيش على الأقل إذا كانت المواقف السياسية المسبقة حشرتها في نكايات ضد حزب الله فرفض المسؤولون عنها تعميم رواية الحزب .
مراسلو وسائل الإعلام المحلية و الأجنبية الذين زاروا طيرفلسية في الليلة ذاتها أكدوا رواية حزب الله عن الحادثة و الصور التي نشرتها الصحف في اليوم التالي للكاراج الذي شهد الانفجار تشير إلى مصداقية بيان الحزب فالمبنى سليم و الحريق سطحي على الأرض و الآثار محدودة بكل وضوح لكن أهل الفضيحة واظبوا على كلامهم و استعملوا في ترويجه الصور التي نشرها الإسرائيليون زاعمين أنها لصواريخ و أسلحة نقلها حزب الله من مكان وقوع الحادث ليتبين اليوم ان تلك الصور هي فضيحة أخرى للصحافة الصفراء و لروادها و مؤسساتها في لبنان و خارجه فقد فاضت عبقريات عدد من المعلقين بالبناء على الصور و على المعلومات المزيفة لاستهداف حزب الله .
صباح اليوم اكتملت عناصر الفضيحة بكشف صحيفة السفير اللبنانية لحقيقة أن الشاحنة التي وزع الإسرائيليون صورتها كانت تحمل بابا حديديا للكاراج الذي شهد الحادثة و قد تم نقله لإصلاحه في بلدة مجاورة بعدما تضرر جراء القذيفة التي اشتعل بارودها .
الغاية الإسرائيلية من الكذب بالصوت و بالصورة واضحة و مكشوفة فقد وجدت المخابرات الصهيونية ان الحادثة و في ضوء تقارير الإعلام اللبناني الكاذبة تصلح لتغذية حملة إسرائيل تحت عنوان تسلم حزب الله لصواريخ حديثة من سوريا و هي تتعمد تعميم هذا النوع من الأخبار منذ فترة غير قصيرة لممارسة الضغوط على الجيش اللبناني و لتأليب بعض اللبنانيين ضد المقاومة و للضغط على سوريا و التشويش على تقدم الحوار السوري الأميركي و ثأرا من الاختراقات الكبيرة التي تحققها سياسة الرئيس الأسد خصوصا على خط العلاقات مع تركيا و السعودية فهي توجه ضربة قاتلة للاستراتيجيات التي بنيت عليها خطة إدارة بوش و إسرائيل ضد سوريا منذ العام 2000 .
فضيحة طيرفلسية بالإسرائيلي هي كناية عن واحدة من ملايين الأكاذيب التي فبركها الصهاينة خلال ستين عاما و لكنها باللبناني جرم يقارب الخيانة تنبغي المحاسبة عليه لأحذ العبرة على الأقل في الوكالة الوطنية للإعلام التي تبرعت بتغذية العدو بمعلومات قابلة للتوظيف في حملته ضد الدولة اللبنانية و ضد المقاومة على السواء
الأنتقاد