الحسين ( عليه السلام ) لا يختبر أصحابه
الحسين « عليه السلام » داعية سلام لا داعية حرب وقتال
جريدة الدار الكويتية
أثبتت الدراسات والبحوث أن الإمام الحسين رجل سلام لا داعية حرب وقتل وقتال، الأمر الذي أدى إلى خلود حركته ضد الظالمين والطواغيت رغم تبنيهم كل السبل من أجل محو تلك الحركة أو التقليل من آثارها على المجتمعات الإسلامية والإنسانية.
وقد يقول البعض أن ذلك الخلود ناتج عن التأثر العاطفي بالواقعة الكربلائية، ولكن الحقيقة ان خلودها عقلي إلى أبعد الحدود، فعند دراسة تلك الحركة منذ انطلاقتها وحتى نهايتها في كربلاء يظهر جليًا إلى أي مدى كان يفكر الإمام الحسين في إرضاء ربه أولاً، وسعيه الجاد والحثيث لإنقاذ أمة جده مما أصابها من خلل ومحاولات طمس، وقد باءت بالفشل كل السفاسف التي حاولت أن تختلق ثغرات وشبهات حول هذه الواقعة التي أصابت كبد الأمة الإسلامية قبل أن تصيب جسد الإمام الحسين .
فمن روائع الحسين وهو في طريقه إلى الكوفة لقاؤه بشر بن غالب الأسدي الذي سأل الحسين عليه السلام عن تفسير آية ( يوم ندعو كل أناس بإمامهم ) ولا أعلم هل كان وراء ذلك السؤال قصد ما، أم أنه جاء صدفة؟ وبعيدًا عن كل الأسباب والدوافع فقد جاء جواب الإمام الحسين رائعًا فقال ( نعم يا أخا بني أسد هما إمامان، إمام هدى دعا إلى هدى وإمام ضلالة دعا إلى ضلالة، فهذا ومن أجابه إلى الهدى في الجنة، وذاك ومن أجابه إلى الضلالة في النار، وهو قوله ( فريق في الجنة وفريق في السعير )*.
والملاحظ أن إجابة الإمام الحسين ما هي إلا تأكيد لأحاديث أخرى للمعصومين في إرشادهم الناس والعلماء إلى أن إحدى طرق تفسير القرآن الكريم هي تفسير بعضه بالبعض أي تفسير القرآن بالقرآن، وها هو حديث الحسين يدل على ذلك، كما أنه لبشر ولغيره من الناس الذين عاصروه ومن ثم إلى الأقوام التالية واحد من الأدلة الدامغة على أن إمامة الهدى والحق محصورة أصلا في أهل بيت النبوة .
والحديث الذي ساقه الإمام لم يكن لتبيان أو كشف حال الأسدي في تلك اللحظة وما هو عليه، إنما كان بمثابة إثارة التساؤل حول الموقف آنذاك وما يمثله كل من الحسين ويزيد، إضافة إلى الآثار المترتبة فيما لو أن الحسين أصغى لبعض الأقوال وبايع إمام الضلالة يزيد، وأنها في نهاية مطافها ليست إلا نسفًا للقرآن الكريم أولاً ودستورًا يتشدق به الظالمون لأخذ البيعة من أصحاب الرسالة الهادية وأنه لا ضير في انقيادهم إلى أئمة الظلم ثانيًا.
ومن العجيب أن يرى البعض أن المسألة كانت رفض مبايعة اللعين يزيد فقط وأنها هي سبب تلك النهضة وإن كانت هذه المسألة إحدى وجوهها المهمة التي تم من خلالها تبيان حقائق آل معاوية الإجرامية ودوافعهم التوسعية والتسلطية التي انطلت على المخدوعين جراء محاولات البعض تصويرهم بمظهر إنساني، فجاءت هذه النهضة لتكشف ذلك الستر عنهم وتعري أوجه القبح التي كانوا يتصفون بها وخاصة من خلال عطش الإمام الحسين ومن كان معه من الصبية والنساء والكهول والمرضى.