[b]
و من كلام للامام
أمير المؤمنين ( عليه السلام )
يتبرأ فيه من الظلم و يذكر فيه موقفه في
قصتين مختلفتين ، قال عليه السلام :
" وَ اللَّهِ لَأَنْ أَبِيتَ عَلَى
حَسَكِ السَّعْدَانِ [1] مُسَهَّداً [2] ، أَوْ أُجَرَّ فِي
الْأَغْلَالِ مُصَفَّداً ، أَحَبُّ
إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
ظَالِماً لِبَعْضِ الْعِبَادِ ، وَ غَاصِباً لِشَيْءٍ مِنَ الْحُطَامِ ،
وَ كَيْفَ أَظْلِمُ أَحَداً لِنَفْسٍ
يُسْرِعُ إِلَى الْبِلَى قُفُولُهَا [3] ، وَ يَطُولُ فِي الثَّرَى حُلُولُهَا [4].
القصة الأولى :يقول عنها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ
عَقِيلًا [5] وَ قَدْ أَمْلَقَ [6] ،
حَتَّى اسْتَمَاحَنِي مِنْ بُرِّكُمْ صَاعاً ، وَ رَأَيْتُ صِبْيَانَهُ شُعْثَ الشُّعُورِ غُبْرَ الْأَلْوَانِ مِنْ فَقْرِهِمْ ،
كَأَنَّمَا سُوِّدَتْ وُجُوهُهُمْ بِالْعِظْلِمِ [7] ، وَ عَاوَدَنِي مُؤَكِّداً وَ كَرَّرَ عَلَيَّ الْقَوْلَ مُرَدِّداً ، فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ
سَمْعِي ، فَظَنَّ أَنِّي
أَبِيعُهُ دِينِي ، وَ أَتَّبِعُ قِيَادَهُ مُفَارِقاً طَرِيقَتِي ، فَأَحْمَيْتُ لَهُ
حَدِيدَةً ، ثُمَّ أَدْنَيْتُهَا مِنْ
جِسْمِهِ لِيَعْتَبِرَ بِهَا ، فَضَجَّ ضَجِيجَ ذِي دَنَفٍ مِنْ أَلَمِهَا ، وَ كَادَ أَنْ يَحْتَرِقَ مِنْ مِيسَمِهَا [8] .
فَقُلْتُ لَهُ : ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ يَا
عَقِيلُ ، أَ تَئِنُّ مِنْ حَدِيدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ ، وَ تَجُرُّنِي إِلَى نَارٍ
سَجَرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِهِ ،
أَ تَئِنُّ مِنَ الْأَذَى وَ لَا أَئِنُّ مِنْ لَظَى " .
القصة الثانية :يقول عنها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " وَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ طَارِقٌ طَرَقَنَا
بِمَلْفُوفَةٍ فِي وِعَائِهَا ، وَ مَعْجُونَةٍ شَنِئْتُهَا ،
كَأَنَّمَا عُجِنَتْ بِرِيقِ حَيَّةٍ أَوْ قَيْئِهَا .
فَقُلْتُ : أَ صِلَةٌ ، أَمْ زَكَاةٌ ، أَمْ صَدَقَةٌ ؟
فَذَلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ " !
فَقَالَ : لَا ذَا ، وَ لَا ذَاكَ ، وَ لَكِنَّهَا هَدِيَّةٌ .
فَقُلْتُ : " هَبِلَتْكَ الْهَبُولُ ، أَ
عَنْ دِينِ اللَّهِ أَتَيْتَنِي لِتَخْدَعَنِي ، أَ مُخْتَبِطٌ أَنْتَ ، أَمْ ذُو جِنَّةٍ ، أَمْ
تَهْجُرُ !وَ اللَّهِ لَوْ أُعْطِيتُ
الْأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلَاكِهَا ، عَلَى أَنْ أَعْصِيَ اللَّهَ فِي
نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جُلْبَ
شَعِيرَةٍ مَا فَعَلْتُهُ ، وَ إِنَّ دُنْيَاكُمْ عِنْدِي لَأَهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ فِي فَمِ
جَرَادَةٍ تَقْضَمُهَا !
مَا
لِعَلِيٍّ وَ لِنَعِيمٍ يَفْنَى وَ لَذَّةٍ لَا تَبْقَى ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُبَاتِ الْعَقْلِ وَ قُبْحِ الزَّلَلِ ، وَ بِهِ نَسْتَعِينُ "
[9] .
***********************
[1]
حسك السعدان : عشبة شوكها مدحرج ، الواحدة حسكة ، مجمع البحرين : 5 / 262 ،
للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف /
العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ،
الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران .
[2]
المُسَهَّد : من أصابه الأرق ، و الذي لا يقدر على النوم .
[3] أي رجوعها .
[4]
حلولها : أي نزولها و إقامتها .
[5]
عقيل أخو الامام علي ( عليه السلام ) .
[6]
أملق : أي افتقر و احتاج .
[7]
العِظْلِم : نبتٌ يُصبغ به ، و يقال هو الوسمة ، مجمع البحرين : 6 / 118 .
[8]
الميسم : اسم الآلة التي يُكوى بها ، و يُعَلَّم ، مجمع البحرين : 6 / 183 .
[9] نهج البلاغة : 346 ، طبعة صبحي الصالح .
**************************
مركز الاشعاع الاسلامي
http://www.althaqlain.org/vb/index.php?showtopic=21075 ******************