العدد 216- مجلة بقية الله
الدكتور علي الحكيم
الماء الزرقاء أو الساد، أو الماء البيضاء، أو بالأجنبية كتاراكت، تختلف التسمية ولكن المقصود واحد.
نعلم أن العين هي أداة البصر،تتلقى الأضواء والصور من العالم الخارجي وتحملها إلى الدماغ حيث يجري تحليل هذه الصور وإدراكها. وكل طبقة في العين أو جزء من أجزائها له دور أساسي لإيصال الصورة السليمة والواضحة للدماغ، وأية إصابة لأي جزء من هذه الأجزاء تؤدي إلى خلل في الرؤية يبدأ بتشويش بسيط، وينتهي بفقدان البصر، أي إلى العمى.
الماء الزرقاء تعتبر السبب الأول للعمى في العالم. هناك ما يزيد عن 18 مليون أعمى بسبب الماء الزرقاء، معظمهم في دول العالم الثالث.
* كيف تصاب العين بـ«الماء الزرقاء»:
للعين عدسة شفافة داخلية Lens تقع خلف البؤبؤ، وتعمل مثل كاميرا فوتوغرافية تسمح بمرور الضوء من الخارج وتعكسه مباشرة على شبكية العين.
الماء الزرقاء هي الحالة التي تفقد فيها هذه العدسة شفافيتها وتصاب بالإعتام، (ويمكن تخيلها مثل نافذة من الزجاج الشفاف الذي يتحول إلى زجاج متحجر، أو كالزجاج الشفاف ويوجد على سطحه بخار ماء).
عدسة العين تتكون في معظمها من الماء والبروتينات. وأهمية هذه البروتينات أنها موضوعة بترتيب دقيق يحافظ على شفافيتها وصفائها. ولكن، مع تقدم العمر بعض هذه البروتينات يتجمع مع بعضه البعض ويفقد ترتيبه، فتصاب بالإعتام الموضعي والذي يأخذ بالازدياد مع الوقت تدريجياً، فتفقد العدسة شفافيتها وتتحول إلى ماء زرقاء أو بيضاء.
الماء الزرقاء تصيب عادة الكبار في السن، ولكن هي موجودة أيضاً عند الصغار وعند حديثي الولادة.
* أعراض الماء الزرقاء:
1- تشويش في الرؤية من دون ألم.
2- المريض يشعر بحاجة إلى تغيير مستمر في النظارات الطبية.
3- أحياناً يشعر برؤية مزدوجة في العين المصابة.
4- إزدياد الحاجة إلى ضوء ساطع للقراءة.
5- رؤية الألوان مائلة أكثر إلى الاصفرار، أي باهتة وأقل إشراقاً.
6- هبوط حاد ومفاجئ للرؤية حينما يتعرض المريض إلى أضواء ساطعة ومباشرة على عينه (أضواء السيارات في الليل، نور الشمس الخ...).
* مفاهيم خاطئة عن الماء الزرقاء:
- ليست غشاء على العين.
- لا تحدث بسبب كثرة استعمال العين.
- لا تنتقل بالعدوى من عين إلى أخرى.
- لا تسبب العمى الدائم غير القابل للعلاج.
* أسباب الماء الزرقاء:
1- التقدم في العمر: تلاحظ في سنّ الخامسة والستين. والمفارقة أن المريض أحياناً يشعر بتحسن الرؤية عن قرب، فيشعر بارتياح نفسي ويتخلى عن نظارته عند القراءة، ولكنه لا يدري أنها تكون بداية الماء الزرقاء والتي ستزداد أكثر فأكثر مع مرور الوقت، فيفقد الرؤية عن بُعد كما عن قُرب.
2- العوامل الوراثية: هناك عدة أمراض وراثية يصاب بها الطفل وتصطحب بالماء الزرقاء.
- غالاكتوزيميا
- المنغول
- بعض الإعاقة الفكرية.
- المرأة الحامل التي تصاب ببعض الفيروسات (الحصبة) من الأشهر الأولى من الحمل.
3- مرض السكري.
4- إصابات العين المباشرة: إما بأجسام غريبة تخترق العين أو رضة قوية.
5- جراحات سابقة داخل العين: جراحة الجسم الزجاجي- جراحة غلوكوما- جراحة الشبكية.. الخ.
6- التدخين وتلوث البيئة.
7- شرب الكحول.
8- التعرض لأشعة الشمس على فترات طويلة.
9- التعرض للإشعاعات الكونية التي تصيب خاصة الطيارين ورواد الفضاء.
10- استعمال أدوية أو قطرات الكورتيزون لفترة طويلة.
* العلاج:
من الممكن في المراحل الأولى للماء الزرقاء مساعدة المصاب باستعمال نظارات طبية، ولكن هذه ستكون مؤقتة، إذ ليس هناك من دواء أو قطرة تمنع تقدم الماء الزرقاء، فالعلاج الفعلي والناجح هو الجراحة.
اليوم، الجراحة بسيطة وسهلة والمريض يخرج من المستشفى بعد ساعات قليلة. وتجرى العملية تحت بنج موضعي حتى بدون وخزة إبرة، وتستغرق العملية حوالي خمس عشرة دقيقة.
الطريقة الحديثة تجرى بواسطة الترداد الصوتي (عامة الناس يعرفونها بالليزر).
من المستحسن إجراء العملية باكراً وفي المراحل الأولى للماء الزرقاء، لا كما كان يفعل في السابق حيث كانت تؤجل العملية لتغلق العين تماماً وتمنع الرؤية نهائياً.
الترداد الصوتي يعمل على شفط العدسة أو الاستحلاب، ويزرع مكانها عدسة صناعية شفافة على قدر قوة العدسة الأصلية.
- قياس العدسة الاصطناعية يؤخذ قبل إجراء العملية بصورة صوتية تعرف بـ Biometrie- A- Scan.
- بعض المرضى من الذين خضعوا للعملية الجراحية يحتاج إلى جلسة ليزر بعد أسابيع أو أشهر، لإزالة غشاء يتكون خلف العدسة الصناعية المزروعة.
- في حال الإصابة بالماء الزرقاء في العينين الاثنتين، يُفضل دائماً إجراء عملية لكل عين على حدة بفارق لا يقل عن عدة أيام وليس في جلسة واحدة.
- هناك مفهوم خاطئ عند البعض، يظن أن من يجري العملية ويزرع عدسة لا يحتاج إلى نظارات طبية بعد العملية !! فهذا ليس صحيحاً. بل هناك من يحتاج إلى نظارات للقراءة أو مشاهدة التلفاز أو قيادة السيارات.
* نصائح:
1- عدم التعرض لأشعة الشمس ولساعات طويلة دون حماية بنظارات شمسية واقية.
2- عدم التعرض للإشعاعات الكونية. وخاصة عند كسوف الشمس بالنظر المباشر دون الحماية بنظارات خاصة.
3- عدم التدخين والابتعاد عن المدخنين ومجالس الأركيلة.
4- تناول الخضار والفاكهة الطازجة بكثرة.
5- تناول الفيتامينات ومضاد الأكسدة تحت إشراف الطبيب المختص.