يتميّز الأئمة ( عليهم السلام ) بارتباطٍ خاصٍّ بالله تعالى وعالَم الغيب ، بسبَبِ مقامِ العصمة والإمامة ، ولَهُم - مثل الأنبياء - معاجزٌ وكرامَاتٌ تؤيِّد ارتباطهم بالله تعالى ، وكونَهم أئمّة .
وللإمام الحسين ( عليه السلام ) معاجزٌ وكراماتٌ كثيرةٌ ، سجَّلَتْها كتبُ التاريخ ، ونذكر هنا بعضاً منها :
الكرامة الأولى :
عن أبي خالد الكابلي عن يحيى ابن أم الطويل : قال كنا عند الإمام الحسين ( عليه السلام ) إذ دخل عليه شاب يبكي ، فقال له الإمام الحسين ( عليه السلام ) : ( مَا يُبْكِيكَ ) ؟ .
قال : إنّ والدتي توفيت في هذه الساعة ولم توص ، ولها مال ، وكانت قد أمرتني أن لا أحدث في أمرها شيئاً حتّى أعلمك خبرها .
فقال الإمام الحسين ( عليه السلام ) : ( قُومُوا بِنَا حَتَّى نَصِيرُ إلى هَذِهِ الحُرَّة ) .
فقمنا معه حتّى انتهينا إلى باب البيت الذي فيه المرأة ، وهي مسجّاة فأشرف على البيت ودعا الله ليُحيِيها حتّى توصي بما تحب من وصيَّتها .
فأحياها الله ، وإذا المرأة جلست وهي تتشهّد ، ثمّ نظرت إلى الإمام الحسين ( عليه السلام ) فقالت : ادخل البيت يا مولاي ومُرني بأمرِك .
فدخل ( عليه السلام ) وجلس على مخدّة ، ثمّ قال لها : ( وَصِّي يَرْحَمك اللهُ ) .
فقالت : يا ابن رسول الله ، إنّ لي من المال كذا وكذا في مكان كذا وكذا ، وقد جعلت ثلثه إليك لتضعه حيث شئت من أوليائك ، والثلثان لابني هذا إن علمت أنّه من مواليك وأوليائك ، وإن كان مخالفاً فخذه إليك فلا حقَّ للمخالفين في أموال المؤمنين .
ثمّ سألته أن يصلّي عليها وأن يتولَّى أمرها ، ثمّ صارت المرأة ميتة كما كانت .
الكرامة الثانية :
روي عن جابر الجعفي عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) قال : أقبل أعرابي إلى المدينة ليختبر الحسين ( عليه السلام ) لما ذكر له من دلائله ، فلمّا صار بقرب المدينة خضخض ودخل المدينة ، فدخل على الإمام الحسين ( عليه السلام ) وهو جنب .
فقال له الإمام الحسين ( عليه السلام ) : ( أمَا تَسْتَحيي يَا أعْرَابي أنْ تَدخُلَ إلَى إِمَامِكَ وَأنْتَ جُنُب ) .
وقال ( عليه السلام ) : ( أنتُمْ مَعَاشِرَ العَرَب إذا خَلَوتُم خَضْخَضْتُم ) .
فقال الأعرابي : يا مولاي قد بلغت حاجتي ممّا جئت فيه ، فخرج من عنده فاغتسل ، ورجع إليه فسأله عمّا كان في قلبه .
الكرامة الثالثة :
روي عن هارون بن خارجة عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : ( إنّ الحسين ( عليه السلام ) إذا أراد أن ينفذ غلمانه في بعض أموره قال لهم : لا تخرجوا يوم كذا ، واخرجوا يوم كذا ، فإنّكم إن خالفتموني قطع عليكم ، فخالفوه مرة وخرجوا ، فقتلهم اللصوص وأخذوا ما معهم ، واتصل الخبر بالحسين ( عليه السلام ) فقال : ( لَقَد حَذَّرتُهُم فَلَم يَقبَلُوا مِنِّي ) .
ثمّ قام ( عليه السلام ) من ساعته ودخل على الوالي ، فقال الوالي : يا أبا عبد الله بلغني قتل غلمانك فآجرك الله فيهم .
فقال الإمام الحسين ( عليه السلام ) : ( فإنِّي أدُلُّكَ عَلَى مَن قَتَلَهم فاشدُدْ يَدَك بِهِم ) .
قال : أوَ تعرفهم يا ابن رسول الله ؟ فقال ( عليه السلام ) : ( نَعَم ، كَمَا أعرفُكَ ، وَهَذا مِنهُم ) .
وأشار ( عليه السلام ) بيده إلى رجل واقف بين يدي الوالي ، فقال الرجل : ومن أين قصدّتني بهذا ؟ ومن أين تعرف أنّي منهم .
فقال له الإمام الحسين ( عليه السلام ) : ( إنْ أنَا صَدَّقتُكَ تُصدِّقُني ) ؟ فقال الرجل : نعم والله لأصدقنَّك ، فقال ( عليه السلام ) : ( خَرجْتَ وَمَعَكَ فلان وفلان وذكرهم كلّهم ، فمنهم أربعة من موالي المدينة ، والباقون من حبشان المدينة ) .
فقال الوالي للرجل ورب القبر والمنبر ، لتصدّقني أو لأهرأن لحمك بالسياط ، فقال الرجل والله ما كذب الحسين وقد صدق وكأنّه كان معنا ، فجمعهم الوالي جميعاً فأقرّوا جميعاً ، فضرب أعناقهم .
الكرامة الرابعة :
إنّ رجلاً صار إلى الإمام الحسين ( عليه السلام ) فقال : جئتُك أستشيرك في تزويجي فلانة ، فقال ( عليه السلام ) : ( لا أحبُّ ذلكَ لَك ) ، وكانت كثيرة المال ، وكان الرجل أيضاً مكثراً ، فخالف الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، فتزوج بها فلم يلبث الرجل حتّى افتقر ، فقال له الإمام الحسين ( عليه السلام ) : ( قَدْ أشرْتُ إليكَ فَخَلِّ سَبيلَها ، فإنَّ اللهَ يعوِّضُكَ خيراً مِنهَا ) .
ثمّ قال ( عليه السلام ) : ( وَعَليكَ بفلانة ) ، فتزوّجها فما مضت سنة حتّى كثر ماله ، وولدت له ولداً ذكراً ، ورأى منها ما أحب .
الكرامة الخامسة :
لمّا ولد الإمام الحسين ( عليه السلام ) أمر الله تعالى جبرائيل أن يهبط في ملإ من الملائكة فيهنئ محمّداً فهبط ، فمر بجزيرة فيها ملك يقال له فطرس بعثه الله في شيء فأبطأ فكسر جناحه ، وألقاه في تلك الجزيرة ، فعبد الله سبعمائة عام ، فقال فطرس لجبرائيل : إلى أين ؟ قال : إلى محمّد ، قال : احملني معك إلى محمّد لعلّه يدعو لي ، فلمّا دخل جبرائيل وأخبر محمّداً بحال فطرس ، قال له النبي : ( قل له يمسح بهذا المولود جناحه ) ، فمسح فطرس بمهد الحسين ( عليه السلام ) ، فأعاد الله عليه في الحال جناحه ، ثمّ ارتفع مع جبرائيل إلى السماء ، فسمّي عتيق الحسين ( عليه السلام ) .
الكرامة السادسة :
إنّ الإمام الحسين ( عليه السلام ) لمّا أراد العراق ، قالت له أم سلمة : لا تخرج إلى العراق ، فقد سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( يقتل ابني الحسين بأرض العراق ) ، وعندي تربة دفعها إليّ في قارورة ، فقال : ( والله إنّي مقتول كذلك ، وإن لم أخرج إلى العراق يقتلونني أيضاً ، وإن أحببت أن أريك مضجعي ومصرع أصحابي ) .
ثمّ مسح بيده على وجهها ، ففسح الله في بصرها حتّى أراها ذلك كلّه ، وأخذ تربة فأعطاها من تلك التربة أيضاً في قارورة أخرى ، وقال ( عليه السلام ) : ( فإذا فاضتا دماً فاعلمي أنّي قد قتلت ) ، فقالت أم سلمة : فلمّا كان يوم عاشوراء نظرت إلى القارورتين بعد الظهر فإذا هما قد فاضتا دماً ، فصاحت ، ولم يقلب في ذلك اليوم حجر ولا مدر إلاّ وجد تحته دم عبيط .
الكرامة السابعة :
روي عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) أنّه قال : ( لمّا كانت الليلة التي قتل فيها الحسين ( عليه السلام ) في صبيحتها ، قام في أصحابه فقال ( عليه السلام ) : ( إنّ هؤلاء يريدونني دونكم ، ولو قتلوني لم يقبلوا إليكم ، فالنجاء النجاء ، وأنتم في حل فإنّكم إن أصبحتم معي قتلتم كلّكم ) ، فقالوا : لا نخذلك ولا نختار العيش بعدك ، فقال ( عليه السلام ) : ( إنّكم تقتلون كلّكم حتّى لا يفلت منكم واحد ) ، فكان كما قال ( عليه السلام ) ) .
جعلنا الله و اياكم من شيعته و اتباعه
و رزقنا شفاعنه في الاخرة و زيارته في الدنيا