خاص "الانتقاد.نت" : نماذج عن حالات تصارع الموت بفعل انقطاع الكهرباء

تحقيق: فاطمة غملوش -الأنتقاد

ما إن تسمع عن الانقطاع الحاد للتيار الكهربائي في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت حتى تقودك قدماك إلى حي المقداد في قلب تلك الضاحية. هناك وبعد بعض التعثر الذي لا مفر منه بفعل رداءة الطريق يطالعك الناس بالحديث عن امرأة يشكل انقطاع التيار الكهربائي أو توفره بالنسبة إليها عاملا يجعلها تتأرجح بين الحياة أو الموت.

"بتنفس إذا في كهرباء"

الحاجة أم علي سكينة، امرأة رمى بها القدر في أحضان مرض الانسداد الرئوي الحاد منذ العام ألفين وأربعة وما زالت تعاني بسببه الكثير حتى هذا اليوم. تدخل إلى بيتها المتواضع، فتراها جالسة في صدر الغرفة وأمامها آلتان متفاوتتا الحجم ، إحداهما تساعدها على التزود بالاوكسيجين النقي، والثانية تساعد رئتيها على إخراج ثاني أوكسيد الكربون. وإن حاولت أن تقرا ملامح و تعابير وجهها التي تعكس مرارة الوضع الذي تعيشه "كمامة بالاوكسيجين" لك بالمرصاد. تلك : الكمامة" التي لا بد لها من أن تلازمها أكثر ساعات النهار.

مشكلة الحاجة أم علي سكينة ليست في خدمتها كمريضة، فقد "رزقها الله أولادا يخدمونها دون أي تأفف وتذمر ويقدمون لها كل ما تحتاجه"، إلا أن كل فوائد تلك الخدمة تتوقف لحظة انقطاع التيار الكهربائي، عندها يتوقف المصير على أمر شركة الكهرباء في تحويل التيار الكهربائي نحو احياء الضاحية الجنوبية. وبحسب ما يفيدنا الدكتور بسام بسام المتابع لحالة الحاجة ام علي سكينة ، فإن "اي انقطاع يتجاوز الساعات الست له تأثيرات سلبية على حياتها قد تعيد وضعها الصحي خطوات إلى الوراء خاصة اذا صادف انقطاع التيار الكهربائي بعد منتصف الليل حيث تكون بحاجة الى الـ bi-pap احدى الآلات الطبية التي تستخدمها".
وبالرغم من تعايش هيام مع حالة والدتها الصحية في ظل التقنين الكهربائي الحاد الذي تشهده الضاحية إلا أنها تعتبر" أنه من اقل الواجب أن تؤمن الكهرباء كحد أدنى تتطلبه الحياة اليومية والطبيعية فكيف إذا كان هناك حالات صحية تعتمد في أساس علاجها على الكهرباء!".

إلا أن انقطاع التيار الكهربائي عن أحياء الضاحية الجنوبية أمر لا مفر منه بفعل برنامج التقنين الذي تتبعه شركة الكهرباء على قاعدة "الليلة بتجي 12 وبكرا بتنقطع 12".

هذا الأمر دفع بأبناء الحاجة أم علي سكينة إلى مد خطين إضافيين إلى المنزل ليصبح الاعتماد عليهما خلال أكثر من 15 ساعة (الوقت الذي ينقطع فيه التيار الكهربائي عن الحي) لتشغيل الآلتين الطبيتين التي تتنفس الحاجة أم علي من خلالهما.

سهرات على ضوء الشموع

هذا الانقطاع الحاد للتيار االكهربائي لا يقتصر على حي المقداد فحسب بل يشمل كل ارجاء واحياء الضاحية الجنوبية دون أي استثناء، مع اختلاف عدد الساعات والتوقيت. وإن كان وضع الحاجة أم علي سكينة مأساوي بفعل مرضها، الا أن حالات أخرى تعكس أوضاعا مأساوية أخرى بفعل الوضع المعيشي الصعب الذي تعيشه.

تعرض أم محمد لوضع عائلتها التي تقطن في منطقة عين السكة شارحة معاناة تزداد صعوبة في الليل بحيث يضاء المنزل بالشموع ويتسمر كل شخص في مكانه "متصارعا مع الحر والبرغش بانتظار الفرج" المتمثل بعودة التيار الكهربائي.

وأكثر ما يؤسفها حينما تنظر إلى أولادها الذين وبانقطاع الكهرباء يفقدون أدنى وسائل التسلية التي منحهم الفقر إياها. وهنا تعلق بكل حرقة قائلة: "فوق الفقر ظلم بعد".

تبرر الاختصاصية التربوية فاطمة نصر الله للأهالي هذا الشعور على اعتبار "أن معظم الأهالي في ظل هذه الحالة المعيشية عاجزون عن إيجاد بدائل لأطفالهم فيما يختص بوسائل التسلية المعتمدة على توفر التيار الكهربائي الأمر الذي يسبب لهم توترا داخليا وشعور ضمني بالتقصير تجاه هؤلاء الأطفال الذين لا ذنب لهم".

وتمتد سهرات الشموع تلك لتشهدها معظم أحياء الضاحية خاصة تلك التي يتعذر وجود المولدات التي تبيع الكهرباء لمواطنين بأسعار تتجاوز إمكانياتهم المادية.
وتشارك رنا أهالي الضاحية الجنوبية في سهرات الشموع تلك متزودة بصناديق من الشمع "لان شراءها بالجملة أوفر" على حد قولها . وفي المقلب الآخر تنقل لنا رنا المقيمة في منطقة بئر حسن صورة أخرى تنعدم فيها بانقطاع التيار الكهربائي بهذه الدرجة أدنى أوجه الحياة الحديثة التي غدت من الضرورات التي لا غنى عنها، "لا تلفزيون، لا براد، اقله لا مروحة حتى المياه الباردة إذا أردت شربها اذهب لأشتريها من الدكان".

ان فقدتم انتاجيتنا اسألوا شركة الكهرباء!

الحياة الحديثة التي أشارت إليها رنا بأقل مقوماتها والتي تعتمد بشكل أساسي على الكهرباء كانت إحدى النقاط الرئيسية التي أشارت لها الاختصاصية التربوية فاطمة نصر الله والتي رأت في انه " من حق أي مواطن أن يتمتع بأقل مقومات الحياة في العصر الحالي، وأن عدم وجود مشغل للآلات التي يفترض أن تسير بها الحياة بشكل طبيعي يؤدي إلى تخلف في أساس المجتمع وبنيته".

مسألة اخرى تطرح في هذا المجال مرتبطة بموضوع "الإنتاجية الفكرية والمادية للأشخاص العاملين التي تتأثر تأثرا مطلقا بالبيئة المحيطة والواقع الحياتي المعيشي"، فكيف سيكون الحال إذا كان هذا الواقع الحياتي مثقلا بانقطاع مفرط للتيار الكهربائي وبمبالغ كبيرة تتطلبها أية وسيلة بديلة.

الغريب انو ولا اي حكومة قدرت تحسن مستوى الكهرباء لننعم بها
مثل بقية البلدان العادية.كلهم كانوا فاشلين والمشكلة انو ما تطوروا
بل عم يرجعوا للوراء..الله يعين الشعب ويشفي كل مريض
رمضان كريم وينعاد عليكم

لبنان ما رح يتطور ولو بالحد الأدنى حتى لو بعد ميييييييييية سسنة