تهويسة
علي مرهون
عطلة عاشوراء عقاب جماعي!!
طالعتنا صحيفة أخبار الخليج في عددها (11952) الصادر يوم الاثنين 13 ديسمبر 2010 الموافق 7 محرم 1432هـ، بمقال للكاتب الفلتة عبد المنعم إبراهيم مدير تحرير الصحيفة المذكورة، حمل عنوان: لماذا تغلق صالات السينما في عطلة عاشوراء؟ الكاتب الموقر راح يعرب عن أسفه الشديد عن تزامن احتفالات العيد الوطني مع عطلة عاشوراء، مؤكداً أن ليس هناك أغلى من مناسبة العيد الوطني، داعياً إلى ترشيد مشاعر الحزن الديني بحسب تعبيره، وألا يكون ذلك على حساب مشاعر السعادة بالعيد الوطني، ثم راح يتساءل: هل (عطلة عاشوراء) عقاب للبعض بأن يجلسوا مع أطفالهم في بيوتهم ولا يخرجوا إلى المجمعات التجارية أو يشاهدوا أفلاماً سينمائية في صالات العرض؟! مؤكداً بحسب رأيه أن الأغلبية الصامتة في البحرين تكرر ملاحظتها كل سنة حول (الحكمة) من إغلاق صالات السينما في البحرين خلال (عطلة عاشوراء) ثم يخلص بنتيجة، والكلام له:".. انه عقاب يحتوي على (التمييز) ومصادرة الحقوق المدنية.. لأنه ليس من العدل والإنصاف أن يجلس نصف سكان البحرين إن لم يكن أكثرهم (مع الأجانب) قابعين في بيوتهم قسراً في عطلة عاشوراء!
طبعاً لن نصادر حقَّ الكاتب في أن يعتبر مناسبة العيد الوطني أو أي شيء آخر لديه أغلى من مناسبة عاشوراء، هو حرّ يفضِّل ما يشاء حتى على صلاته وصيامه، مع تأكيدنا الكبير على حُبِّ الوطن والاحتفاء بمناسباته، ولكن ليس على الطريقة الساذجة المبتورة من وعي الإنسان ورسالته في الحياة. ويبدو أن الكاتب ليس لديه شغلة إلا مشاهدة الأفلام في السينما حتى في عطلة عاشوراء!! على كيفه!! خله يشبع أفلام!! لكن لا ينبغي عليه أن يسقط رغبته المنفلتة على جميع أخواننا السنة، الذين هم أرفع من هذا التظليل الخادع المتظاهر بالشفقة، والذي يصوّر بطريقة تراجيدية مأساة القابعين خلف الجدران، ومع الأسف من خلال حبكة موغلة في السطحية، حين يرجع ذلك إلى إغلاق السينما في عطلة عاشوراء.
يبدو أن الكاتب الموقر، لا يتابع الصحافة جيداً بالرغم من أنه مدير تحرير إحداها، فقد نشرت الصحافة خبراً يفيد بأن عدد المعتمرين في عطلة عاشوراء بلغ 10 آلاف معتمراً بحرينياً، وبالطبع هذه الحملات لإخواننا السنة بالكامل الذين يصفهم بالقابعين في بيوتهم، فضلاً عن رحلات السفر إلى دول الخليج والدول العربية الأخرى التي تكثر في هذه الإجازة، ويمكنه أن يتأكد من ذلك من خلال مكاتب السياحة وتحويل العملات التي تزدحم خلال هذه الأيام، إلى جانب ذلك فإن مكانة يوم عاشوراء في الروايات أمر ثابت حتى لدى إخواننا السنة مع الاختلاف في التفاصيل، ولديهم يستحب الصيام، والكاتب حين يصوّرهم بأنهم يتحسّفون على إغلاق السينما في عطلة عاشوراء، يظلمهم كل الظلم، ويكشف عن فكره القبيح والمريض.
وإننا لنستغرب من أن يصف الكاتب الموقر إغلاق السينما في عطلة عاشوراء بأنه عقاب يحتوي على التمييز، ومصادرة الحقوق المدنية، ونلفت نظره إلى أن هناك مناسبات تعطّل فيها جميع وزارت ومؤسسات الدولة، وتنكّس فيها أعلام الوطن، وتوقف فيها برامج جميع قنوات البحرين الفضائية، وليس مجرّد دور السينما، ويعلن الحداد العام أياماً هي أضعاف عطلة عاشوراء بكثير. وبحسب رأي كاتبنا الموقر، فإن هذا يعد عقاب يحتوي على التمييز، ويصادر الحقوق المدنية، وننتظر منه أن يفل عضلاته ويرفع صوته، إلا إذا كان الإمام الحسين (ع) وهو ابن رسول الله (ص)، وسيد شباب أهل الجنة لا يساوي عنده شيئاً، ولا يستحق عنده أن تعطّل من أجله حتى دور السينما!!
يقول: نصف سكان البحرين إن لم يكن أكثرهم (مع الأجانب) قابعون في بيوتهم. ولا ندري كيف وصل إلى هذه النسبة، وندعوه إلى زيارة المنامة في ليلة عاشوراء، ونتمنى له أن يجد موقفاً لسيارته، ليرى بأم عينيه تلك الحشود التي تعكس نبض البحرين في عاشوراء، وندعوه ليفتّح عينيه جيداً ليرى الأجانب وهم يتوافدون على مضائف عاشوراء، ليراهم ينهلون من كرم الحسين (ع) وينصرفون معزّزين مكرمين في مشهد لا يرونه طول أيام السنة وينتظرونه بشوق، وبإمكانه أن يسأل حتى الهنود والبنغاليين. ويمكن أن يتجوّل أكثر فيرى بعض الأجانب يحملون كاميراتهم ليوثقوا هذا الحدث في ذكرياتهم الخاصة، ويمكنه أيضاً أن يزور مركز الجاليات الأجنبية ليتعرّف عن قرب كيف تحتضن عاشوراء هؤلاء بطريقة قلَّ نظيرها، ويمكنه أيضاً أن يرى بعض الأجانب الفنانين حتى من روسيا جاءوا ليشار كوا في المرسم الحسيني، ويعكسوا من خلال لوحاتهم إنسانية عاشوراء العابرة للقارات.
غريب عجيب، إغلاق السينما في عطلة عاشوراء تمييز ومصادرة للحقوق المدنية، ونزع وتخريب لافتات عاشوراء في أزقة القرى ومداخلها، وتحدِّي مشاعر طائفة كبيرة في هذا الوطن في خصوصياتها المذهبية، وحدث قرية المالكية على أثر مواجهات بين الأهالي ورجال مكافحة الشغب بعد أن حاول هؤلاء الأخيرون نزع لافتات عاشوراء، فخرج الأهالي غاضبين، مما أدّى إلى استدعاء رجال الأمن قوات إضافية معزّزة، انتهت بمواجهات عنيفة وإصابة أحد الشباب بإصابات بليغة في رأسه برصاص.. كل هذا لا يعتبر تمييزاً ومصادرة للحقوق المدنية!! اخلع نظارتك السوداء، فالحقيقة أسطع من تعاميك!!
عذرا ياوطنــي ,, فالحسيــــن كل أوطانـــي