من وحي عاشوراء
كربلاء نهج وشرعية للحركة الإسلامية
سماحة السيد محمد حسين فضل الله - « جريدة الدار الكويتية »
إنَّ حركة الحسين هي نهج لحركتنا وشرعية للحركة الإسلامية.
في الحديث الشريف : « من أصبح وأمسى ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم » ما معنى : « ولم يهتم »؟
هناك اهتمام قلبي بأن تعيش الهمَّ في قلبك، واهتمام عقلي بأن تفكر في عقلك كيف يمكن لك أن تنقذ المسلمين من أمورهم المعّقدة والصعبة، واهتمام حركي عملي وهو أن نفكر كيف يمكن لك أن تتحرّك حتى تنقذ قضايا المسلمين وأمورهم؟
هذا في الجانب السلبي، وفي الجانب الإيجابي نقرأ الحديث المعروف عن رسول الّله : « مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد، إذا اشتكى بعضه تداعى له سائره بالسهر والحمّى ».
هذه نظرية إسلامية تريد أن توصل الحالة الشعورية في الواقع الإسلامي إلى أن يختزن كل مسلم في داخله مفهوم الأمّة - الجسد الواحد - وأن يعتبر واقع الأمّة من الناحية الشعورية كواقع الجسد. فكما أنَّ أعضاء الجسد لا يمكن أن تنام إذا ما كان أحد الأعضاء متألمًا، فلابدَّ أن نتألم كذلك إذا ما تألم أيّ شعب في أيّ منطقة إسلامية من العالم.
عندما نؤكد أنَّ عاشوراء حركة سياسية إسلامية، فإنَّنا نؤكد معناها الديني في ما هو المعنى المنفتح على الحياة كّلها؛ ونؤكد أنَّ الحسين في الوقت الذي يمّثل الإمامة بمعناها الديني الروحي العبادي، فهو ينفتح من موقع إمامته على كل المعاني السياسية في الواقع.
والإمامة هي حركة في معنى الحكم وفي معنى القيادة.
الإمامة ليست حالة منغلقة بعيدة عن التحدّي وعن الضوضاء، ولولا ذلك لما واجه أهل البيت التحدّيات والنكبات العظام.
إنَّ حكاية أنَّ الدِّين يبتعد عن السياسة، جعلت السياسة في يد الذين يواجهون الإسلام وجهًا لوجه بفكر الإلحاد، وجعلت السياسة في يد الخائنين والفاسقين والظالمين. لقد آن الأوان لتكون السياسة في يد العادلين المتّقين الواعين، حتى نستطيع أن نغيّر الواقع على كلمة الّله.
إنَّ كربلاء ليست منطقة في العراق، ولكنَّها ساحة من ساحات الجهاد، والحسين ليس شخصًا في التاريخ، ولكنَّه كل قائد ينطلق من أجل أن تكون كلمة الّله هي العليا وكلمة الشيطان هي السفلى.