في التاسع من شهر ذي الحجة من سنة 60 للهجرة استشهد العبد الصالح والمجاهد الثابت سفير الإمام الحسين (صلوات الله عليه) إلى اهل الكوفة مسلم بن عقيل (عليه السلام).
حيث روى المؤرخون: انه لما اجتمعت كتب اهل الكوفة الكثيرة جداًً عند الإمام الحسين (صلوات الله عليه) تدعوه للتوجه إلى الكوفة وأنهم سيوف مشرعة لنصرته وو...
رأى الإمام (عليه السلام) ان يرسل رجلاً من أهل بيته ليستخبر الحال ويطلع على صدق هذه النداءات. ولم يكن هذه الامر أمراً عادياً، فأن هذا الرجل الذي سيختاره الإمام له دخالة في صميم الثورة الحسينية وسيؤثر عليها سلباً وأيجاباً من خلال تصرفاته..
فلابد ان يكون هذا الرجل -عالماً، شجاعاً، مؤمناً بعدالة القضية، عارفاً بأبعادها...
وكانت هذه المواصفات مجتمعة في مسلم بن عقيل. فأرسله الإمام (صلوات الله عليه) بهذه المهمة.
والملاحظ لسيرة الإمام الحسين (عليه السلام) يجد انه دائماً يضع الشخص المناسب في المكان المناسب. حرصا منه على جعل ثورته ثورة متكاملة.
فذهب مسلم إلى الكوفة وبايعه الناس فكتب إلى الإمام الحسين (صلوات الله عليه) يخبره بالحال ويستعجله القدوم.
فتحرك الإمام (عليه السلام) على اساس كتاب مسلم متوجهاً نحو الكوفة.
إلا أن الأمور انقلبت من خلال التدابير الوحشية والاساليب الشيطانية التي تحصنت به الحكومة المركزية وذلك عن طريق إرسال الملعون عبيد الله بن زياد إلى الكوفة وتوجيه الأوامر إليه بقمع ثورة مسلم وقتله...
وبعد جملة من الاحداث انتهى الامر بقتل مسلم بن عقيل ورمي جسده من أعلى قصر الامارة إلى الارض وسحبه في الاسواق معلنين بذلك عن خستهم ودنائتهم وبراءتهم من الإسلام.
فعلوا ذلك بعد أن نازلهم مسلم نزال الأبطال وجالدهم مجالدة الفحل وبعد ان أعاد إلى الكوفة صولات عمّه أمير المؤمنين (عليه السلام) وما قدروا عليه الا من خلال الحيلة والغدر كما هو شأنهم.
وذكر الطبري ان مسلم بن عقيل (سلام الله عليه) عندما دخل على ابن زياد دار بينهما حوار طويل منه:
أن ابن زياد قال له أن نفسك تمنيك ما حال الله دونه ولم يرك اهله
فقال ابن عقيل: فمن اهله يا بن زياد
قال: امير المؤمنين يزيد
فقال: الحمد لله على كل حال .رضينا بالله حكماً بيننا وبينكم
فقال ابن زياد: انك تظن ان لكم في الامر شيئاً. فقال مسلم بن عقيل: ما هو الظن ولكنه باليقين. قال عبيد الله بن زياد: قتلني الله ان لم اقتلك قتلة لم يقتلها احد في الاسلام.
فقال: اما انك احق من احدث في الاسلام ما لم يكن فيه، اما انك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السيرة ولؤم الغلبه ولا احد من الناس احق بها منك.
فأقبل ابن زياد وهو يشتم حسيناً وعلياً وعقيلاً (عليهم السلام)
واخذ مسلم لا يكلمه وكان ابن عقيل قد عرى حقيقة ابن زياد
اذ قال له: ان اباك قتل خيار الناس وسفك دماءهم وعمل فيهم اعمال كسرى وقيصر ووصف عبيد الله وآباءه وبني امية بأنهم يليغون في دماء المسلمين ولغاً ويقتلون النفس التي حرم الله قتلها ويقتلون النفس بغير النفس ويسفكون الدم الحرام ويقتلون على الغضب والعداوة وسوء الظن وهم يلهون ويلعبون وكأن لم يصنعوا شيئاً.
بعدها امر ابن زياد بضرب عنق مسلم بن عقيل فوق سطح القصر فصعد به وهو يكبر ويستغفر ويصلي على ملائكة الله ورسله
وهو يقول: اللهم احكم بيننا وبين قوم غربونا وكذبونا وذلونا وقتلونا، ثم ضرب عنقه رضوان الله تعالى عليه.
فالسلام على أول شهيد يقدمه الحسين ( سلام الله عليه)
والسلام على المؤمن المواسي لامامه بغربته وعطشه ورض صدره
لا تنسونا من الدعاء