لماذا يفضل العرب المواجهة وليس الحوار مع ايران؟
تشهد منطقة الخليج العربي حالة من التسلح لم يسبق لها نظير في المنطقة منذ الحرب العراقية الايرانية في مطلع الثمانينات من القرن الماضي. فقد كشفت وثائق مكتب المحاسبة التابع للحكومة الامريكية ان دول الخليج اشترت ما قيمته 37 مليار دولار من الطائرات والعتاد الحربي الامريكي في الاعوام القليلة الماضية، وتستعد حالياً لاجراء صفقات جديدة تصل قيمتها الى 123 مليار دولار، تشمل طائرات من طراز 'اف 15' وبطاريات صواريخ باتريوت وقطعاً بحرية.
المملكة العربية السعودية سيكون لها نصيب الاسد من هذه الصفقات، حيث تحتل المرتبة الاولى وستبلغ قيمة مشترياتها 76 مليار دولار، تليها الامارات العربية المتحدة ثم الكويت وسلطنة عمان.
العنوان الرئيسي لهذه الصفقات هو التصدي لاي هجمات ايرانية مستقبلية، الامر الذي دفع الكثير من المراقبين العسكريين الى القول بان الحرب باتت وشيكة بالنظر الى حجم صفقات الاسلحة هذه ونوعيتها من الناحيتين الدفاعية والهجومية.
فمن الثابت تاريخياً ان الاسلحة الامريكية المباعة الى الدول العربية 'المعتدلة' لم تستخدم مطلقاً ضد اسرائيل، وبعضها جرى استخدامه ضد دول عربية، كالعراق اثناء حرب عاصفة الصحراء التي استهدفته تحت غطاء اخراج قواته من الكويت عام 1991.
وليس من قبيل الصدفة انه في الوقت الذي يعتمد فيه الكونغرس صفقة الاسلحة الضخمة هذه الى الدول الخليجية، تبادر الحكومة الروسية الى الغاء صفقة صواريخ 'اس 300' المضادة للطائرات استجابة لضغوط اسرائيلية، وتحت ذريعة الالتزام بالحظر الذي فرضته الامم المتحدة على طهران بسبب عدم التزامها بمعايير وكالة الطاقة النووية، والتعاون بشكل كامل مع مفتشيها، وهي التهم نفسها التي جرى توجيهها الى نظام الرئيس العراقي صدام حسين قبل غزو العراق واحتلاله.
صفقة الصواريخ الروسية التي الغيت، هي دفاعية بالدرجة الاولى، والهدف من شرائها التصدي لاي طائرات امريكية او اسرائيلية يمكن ان تستهدف البنى التحتية الايرانية الى جانب المنشآت النووية، الامر الذي يعني ان الولايات المتحدة واسرائيل اللتين تقفان خلف خطوة الالغاء هذه، تخططان فعلا لتوجيه ضربات جوية الى اهداف ايرانية وتريدان ان تتم الغارات بسهولة ويسر دون اي خسائر، او الحد الادنى منها على وجه الخصوص.
ويشكك الكثيرون في قدرة الجيوش الخليجية على استيعاب صفقات الاسلحة الجديدة، وبالتالي استخدامها بشكل فاعل، ويضربون مثلا بصفقة طائرات 'التورنيدو' البريطانية (بلغت قيمتها 75 مليار دولار) التي اشترتها المملكة العربية السعودية من بريطانيا في مطلع الثمانينات اثناء حكم السيدة مارغريت ثاتشر، ولم تستخدم في حرب تحرير الكويت الا في طلعات محدودة في بداية هذه الحرب، توقفت بعد ذلك بعد ان جرى اسقاط بعضها، وتمكنت السلطات العراقية من اسر طياريها.
المرجح ان يكون الهدف من شراء هذه الطائرات وغيرها من العتاد الحربي، هو انقاذ الصناعة العسكرية الامريكية من الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها حاليا، حيث تلجأ معظم الدول الغربية الى خفض موازناتها الدفاعية الى مقدار النصف، مثلما اعلنت الحكومة البريطانية اخيرا في اطار اجراءاتها التقشفية لتخفيض العجز وتقليص الديون الضخمة.
فهذه الصفقة ستؤدي الى ايجاد 75 الف وظيفة للعاطلين الامريكيين، والاهم من ذلك ستكون تحت تصرف القوات الامريكية في حال احتياجها لها اذا ما اشتعل فتيل الحرب ضد ايران.
الخطر الحقيقي على الخليج في نظرنا هو خطر داخلي، اكثر منه خطراً خارجياً، فالطائرات والاساطيل الامريكية يمكن ان تحمي دول الخليج من اي غزو ايراني مفترض، ولكنها لا تستطيع اعتراض جميع الصواريخ الايرانية، وفوق كل هذا وذاك لا تستطيع هذه الاساطيل السيطرة على الاوضاع الداخلية في حال انفجار فتنة طائفية، او تحريك للخلايا النائمة او اليقظة
لا تنسونا من الدعاء