يبدو ان لبنان دخل في عين العاصفة السياسية واصبح في مهب الاحتدام السياسي الناشئ عن تضادّ المواقف بشأن المحكمة الدولية وبروز هذه المواقف بشكل جلي اكثر في الايام الاخيرة.. وفيما ظهر تنامي هذا الاحتدام مع الانقسام الذي حصل حول تمويل المحكمة الدولية منذ ايام فإن المواقف الصادرة امس كانت تحت عنوان: ما بين معارضة تسييس المحكمة ورفض تمويلها.. والتمسك الشديد بها..
* حزب الله: المحكمة تحاول خلق فتنة
وقد اعلن عضو المكتب السياسي في حزب الله غالب ابو زينب لوكالة فرانس برس ان الحزب اتخذ مع حلفائه قرارا برفض اي تمويل من جانب لبنان للمحكمة الدولية. وقال ابو زينب ردا على سؤال "اتخذت المعارضة قرار قطع التمويل عن المحكمة".
اضاف "المسالة ليست مسالة تمويل او عدم تمويل بل جوهر المسالة هو في ان المحكمة اصبحت اداة اميركية واسرائيلية وتحاول خلق الفتنة باكثر من طريقة" مضيفا "هذا هو الوضع. فكيف يمكن ان نمول هذه المحكمة".
وكان رفض حزب الله وحلفاؤه في قوى 8 آذار في اجتماع للجنة المال والموازنة في 16 ايلول/سبتمبر اقرار بند تمويل المحكمة الدولية في الموازنة العامة لعام 2010.
* الحريري يتمسك
وفي المقابل، اكد الرئيس سعد الحريري خلال ترؤسه اجتماع المكتب السياسي لتيار المستقبل «التمسك بالمحكمة الدولية وعدم القبول بأي تسوية أو تراجع في شأنها»، معتبرا «أنها مؤسسة دولية قائمة بذاتها ولا تخضع لأي موازين سياسية».
واستحضر الحريري في هذا الاطار موضوع دماء الشهداء حيث شدّد على أنه «من غير الوارد البتة التخلي عن دماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الشهداء».
* بري: لا يمكن مواصلة التعنت
في ظل هذا الاحتدام قال رئيس مجلس النواب نبيه بري مساء امس لـ"النهار": "لا يمكن ابقاء الوضع السياسي في هذا الجمود والتعنت، وأستطيع ان أؤكد انه في أول جلسة يعقدها مجلس الوزراء بعد عودة فخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان وبرئاسته سيقدم وزير العدل ابرهيم نجار فيها مطالعته عن شهود الزور".
وأضاف: "أقول إن لا عائق ولا تأخير للسير في هذا الملف على ان يكون معالي وزير العدل قد تعافى ان شاء الله من وعكته الصحية في شكل يمكنه من المشاركة في هذه الجلسة وتقديم ما لديه في هذا الخصوص".
* جنبلاط يحذر
بدوره حذر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط من ان المحكمة قد تدمر لبنان داعيا الى الجلوس سيوا من اجل مواقف مشتركة. وقال في حديث تلفزيوني مشاء امس إن المحكمة موضوع قرار دولي ولا بد من موقف مشترك واتصالات ببعض الدول مثل روسيا وربما فرنسا كي نقول للولايات المتحدة إن المحكمة قد تدمّر لبنان. ورأى أن لقاءً بين الرئيس الحريري والسيد نصر الله يمكن ان يحل موضوع المحكمة، مشددا على ضرورة أن يجلسا سويا من دون شاهد. ورأى أن قسما من استخدام المحكمة يراد منه جعل لبنان منطقة فوضى، ربما لتمرير صفقة معيّنة في فلسطين على حساب حق العودة، محذرا من أنه اذا اتُهم حزب الله سنعود الى الفتنة الكبرى، ومشيرا الى أن المحكمة قد تكون لخلق فتنة.
واعتبر جنبلاط أن «ثمن اتهام او ادانة قادة سياسيين بملف شهود الزور يبقى اخف من الدخول في الفتنة»، مشيرا الى أن الحريري أيقن أن الاتهام السياسي المبني على شهود الزور لسوريا ليس مبنيا على معطيات موثوقة ولذلك اتخذ القرار»، معتبرا أن هذا الأمر يمكن أن ينطبق على حزب الله.
وأضاف: إنهم يقولون ان مجموعة من حزب الله كانت تراقب موكب الحريري، لماذا لا يمكن القول إن الاجهزة الخلوية جرى زرع شيء ما فيها من قبل اسرائيل، معتبرا ان «دلائل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يمكن البناء عليها، ولكن التحقيق الدولي لا يريد الأخذ بها».
* نشرة «ميدل ايست بوليسي سورفاي»
في هذا الوقت اعتبرت نشرة «ميدل ايست بوليسي سورفاي» الصادرة عن «مجموعة سياسات الشرق الأوسط» الأميركية للدراسات، أنه «من المتوقع من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أن تصدر قريبا، قرارات اتهامية لمن تعتقد أنهم مرتبطون باغتيال الرئيس رفيق الحريري».
ورأت أن «التكهنات قد تركزت مؤخرا على دور حزب الله في الاغتيال»، موضحة أن «اللبنانيين يخشون أنه، إذا تم استدعاء حزب الله» للمحاسبة، «فقد يؤدي ذلك إلى انتشار العنف، أو حتى الفوضى في أنحاء لبنان». وذكرت النشرة أن «الثمن الأول»، الذي يعتقد المسؤولون الأميركيون أن الرئيس السوري بشار الأسد يريد من لبنان دفعه، «هو إدانة المحكمة وقطع المساهمة المالية اللبنانية» عنها، ناقلة عن «مسؤولين بارزين في وزارة الخارجية الأميركية» قولهم إن «هذا ما يريده السعوديون أيضا على ما يبدو». وأضافت النشرة نقلا عن مصدر مطلع مخضرم قوله إن «السعوديين يريدون تصفية المحكمة الدولية. لم يعد لبنان مهما لهم بما يكفي».