كثير مما يتناقله الناس فيما بينهم يحتاج إلى غربلة وتأكد قبل تقاذفه بينهم من شخصٍ إلى آخر
مشكلتنا أننا صرنا لا نتحقق حتى فيما يتوجب التحقق منه معلومات متعلقة بالفكر والدين والعقيدة وو..
من الصعب أن تدرك الحقيقة دائمًا، وأن تصيبها أبدًا، لكن كثيرًا منا صار - مع الأسف- لا يهمه حتى ما يسمى بـ "المنطق الصادق" !
تأمل في الايات التالية
وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ((1) سورة البقرة - سورة 2 - آية 96)
و قوله: «و إن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون» حكم بتساوي اليوم الواحد و الألف سنة عند الله سبحانه فلا يستقل هذا و لا يستكثر ذلك حتى يتأثر من قصر اليوم الواحد و طول الألف سنة فليس يخاف الفوت حتى يعجل لهم العذاب بل هو حليم ذو أناة يمهلهم حتى يستكملوا دركات شقائهم ثم يأخذهم فيما قدر لهم من أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون، و لذا عقب الكلام بقوله في الآية التالية: «و كأين من قرية أمليت لها و هي ظالمة ثم أخذتها و إلي المصير».)الميزان)
يدبر الامر من السماء الى الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون ((11) سورة السجدة - سورة 32 - آية 5)
تعرج الملائكة والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنة ((3) سورة المعارج - سورة 70 - آية 4)
ابحث ايضا في الايات التي وردت فيها كلمة عام ك الاية التالية
اولا يرون انهم يفتنون في كل عام مرة او مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون
صحيح أن أحد معاني كلمة (سنة) الشدة فيقال أَصابتهم السنة ويعنونَ السنة المجدبة وقال تعالى: ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذّكرون
ولكن إذا استعملت لفظة سنة وأريد بها مدة اثني عشر شهرا فلا تفيد معنى الشدة
والمذكور في الإيميل لا يساعد عليه التتبع في استعمال القرآن الكريم وفصحاء العرب
فقوله تعالى (تزرعون سبع سنين) عنى بها أيام الرخاء لا أيام الشدة عكس المذكور في الايميل لأنها الأيام التي نزل فيها المطر وخصبت الأرض في مصر
ويقول العرب عام المجاعة ولا يقولون سنة المجاعة فلو كان العام للأيام السهلة لما صح هذا التعبير
وهنا أنقل لكم بعض ما أورده أبو هلال العسكري – أحد أشهر علماء اللغة – في كتاب الفروق اللغوية:
الفرق بين العام والسنة: أن العام جمع أيام والسنة جمع شهور – إلى أن يقول - ويجوز أن يقال العام يفيد كونه وقتا لشيئ والسنة لا تفيد ذلك ولهذا يقال عام الفيل ولا يقال سنة الفيل ويقال في التاريخ سنة مائة وسنة خمسين ولا يقال عام مائة وعام خمسين إذ ليس وقتا لشئ مما ذكر من هذا العدد ومع هذا فإن العام هو السنة والسنة هي العام وإن اقتضى كل واحد منهما ما لا يقتضيه الآخر – إلى أن يقول - قال ابن الجواليقي: ولا يفرق عوام الناس بين السنة والعام ويجعلونهما بمعنى ويقولون لمن سافر في وقت من السنة أي وقت كان إلى مثله: عام، وهو غلط، والصواب ما أخبرت به عن أحمد بن يحيى أنه قال: السنة من أول يوم عددته إلى مثله، والعام لا يكون إلا شتاء وصيفا.وفي التهذيب(5) أيضا: العام: حول يأتي على شتوة وصيفة.وعلى هذا فالعام أخص من السنة.وليس كل سنة عاما. انتهى النقل
والمستفاد من كلامه أن بداية الحدث إلى مثله يؤرخ بلفظ سنة لا عام فإذا سافرت في أول رجب فإلى بداية رجب التالي يقال سنة ولا يقال عام
وأما الدورة الزمنية من 1 محرم إلى نهاية ذي الحجة أو من بداية الصيف إلى بداية الصيف الذي يليه ونحو ذلك فتسمى عاما
وعليه فالنبي نوح على نبينا وآله وعليه السلام لو فرضنا أنه بدأ دعوته مثلا في شهر رجب (من باب الفرض فقط) فإلى رجب التالي يكون سنة (شبيه بمثال السفر المتقدم) ولا يقال عام وهكذا إلى 950 سنة ولهذا عبر القرآن الكريم بالسنة عن مدة الدعوة لأنه من ابتدائها إلى اليوم المماثل لها بعد 12 شهرا يسمى سنة ولا يسمى عاما أما المدة التي لم تحصل فيها الدعوة فعبر عنها بخمسين عاما لأنها تشمل الدورة الزمنية الكاملة من بداية الصيف مثلا إلى بداية الصيف التالي وهكذا.
وَفقتم .. فِي حفظِ البآري