اهل الفقيد محمد فواز مصرون على عدم المسامحة بدم ابنهم قبل جلاﺀ الحقيقة والقبض على الــقــاتــل، وهــذا مــا ابلغته عائلة الفقيد صــراحــة لمسؤولين في حزب الله كانوا زاروا منزل فواز لتقديم التعازي وفــق ما نقلت مصادر مقربة من العائلة، التي اكدت انها ملتزمة بعدم التصعيد وبعدم جر المنطقة الــى المزيد من العنف بناﺀ على التزام الحزب بمتابعة جدية للقضية والتكفل بعدم الدخول في مساومات.
الدافع الأساس لتصلب موقف عائلة فــواز، تتابع المصادر، ان العائلة تعتقد الى حدود اليقين بــان قتل مــســؤول المنطقة في حزب الله كان مدبراً، وبالتالي لم يكن فــواز ضحية اشكال فردي كان يحاول فضه بل انه كان هدفا لاغتيال منظم.
الــروايــة التي يتداولها اهل الفقيد، وهــي مبنية على نقله شاهدان كانا في منطقة الإشتباك وشــاهــدا مــا حــصــل، تــقــول بــان الــرصــاص الــذي كــان ينطلق من جهة مسجد برج ابي حيدر باتجاه محلات الكبي للأدوات المنزلية، نظراً الى ان الناس كانوا يهربون باتجاه معاكس للمسجد، أدى الى اصابة مواطن يدعى هاني مهدي. وعلى الاثر تم استدعاﺀ فواز لأنه في العادة هو من يقوم بالتهدئة بعد كــل مشكلة، لا سيما ان لــه عــلاقــات جــيــدة مع الأحباش، وهو محبوب من شباب المنطقة. وتضيف المصادر، ان فواز الذي كان اعزل، وبعد توقف اطــلاق النار سار باتجاه الجريح الذي زحف الى موقف سيارات للاحتماﺀ من الرصاص، وبعد ان حاول فواز ان يعبر الطريق، تم اطلاق النار عليه ما ارداه فوراً بعد اصابة مباشرة في رقبته.
وإن كــانــت تلك المعلومات لا تدعم فرضية الإغتيال التي تعتبرها المصادر قائمة، فان معلومات إضافية يؤكدها احد الشهود العيان تعطي للرواية بعدا آخر. يقول الشاهد انه رأى علامة الــلايــزر الأحــمــر على رقبة فواز قبل اطلاق النار، اي ان مطلق النار كان يستخدم تقنية اللايزر لتحديد الــهــدف، مــا يعني ان عملية القتل كــانــت مقصودة وليست نتيجة رصاصة طائشة ولا حتى إشتباك لا سيما ان شهودا عدة اكدوا ان فواز لم يكن مسلحا وان مناصري او افــراد حــزب الله لم يكونوا قد تسلحوا بعد لحظة سقوطه، بل انهم حملوا السلاح بعد مقتل فواز مباشرة. ولا سيما ان اطلاق النار استمر لمنع اي كان من الاقتراب من فواز ومن الجريح، وهو ما يعني، وفق المصادر، ان مطلقي النار ارادوا التأكد من مقتل فواز وعدم اعطائه اي فرصة للنجاة فبقي على الارض لأكثر من نصف الساعة. ومع محاولة احد الشبان نقل فواز تعرض الى اطلاق نار مباشرة اصيب على اثره فاضطر الى ترك الجثة ارضــا والاحتماﺀ من القنص.
تتابع المصادر، ان النار كانت تطلق عــن طريقة القنص من اســطــح الــبــنــايــات ومــن فتحات مئذنة مسجد بــرج ابــي حيدر، الأمر الذي تفسره المصادر بأن مسلحي الأحباش ربما كانوا اعدوا خطة مسبقة لما حصل في تلك الليلة.
معلومات إن صحت تفتح بــاب التساؤل عن السبب الذي يــدفــع جمعية الــمــشــاريــع الــى قتل من عهد دائماً على تهدئة الشارع ومنع التوتر، لا سيما ان تلك الجمعية تعرف تماماً ان لا مصلحة لها بالخلاف مع حزب الله، ان كان على الصعيد السياسي حيث سيخسرها خلاف مماثل العلاقة مع سورية التي تعتبر حــزب الله خطاً احمر، فضلاً عن ان جمعية المشاريع تحصل في الانتخابات النيابة والبلدية على الكثير من اصوات الشيعة، وحتى ان المختار جمال العميرات، الذي قتل ابنه ايضاً في الاشتباكات كان قد حصل على عدد غير قليل من اصوات الشيعة في الانتخابات البلدية الاخــيــرة. وعلى الصعيد العسكري فإن مناطق نفوذ جمعية الــمــشــاريــع فــي بـــرج ابـــي حيدر والبسطة والنويري وزقاق البلاط، هي مناطق فيها وجود قوي لحزب الله وحركة امل وتعتبر ساقطة عسكرياً لغير صالح المشاريع.
تلك العناصر تدفع المصادر الى "عدم استبعاد احتمال الخرق في صفوف المشاريع، لذا لا بد من ان تقوم الجمعية نفسها بتحقيق داخلي موضوعي لتعرف ان كان هناك من خرقها لتوريطها في خــلاف لا يــكــون الا فــي مصلحة خصومها السياسيين".
تحقيقات الجيش الميدانية بــدأت بالفعل، ومــع وجــود أكثر من شاهد عيان، يعرف الجيش بوجودهم. تحقيقات يعوّل عليها لتزيل الضباب والغموض اللذين يعتريان المشهد وتفتح باب المحاسبة. وعندها فقط يمكن للنفوس ان تصفى فلا يعود الثأر احتمالاً مؤجلاً! .
هذا وكتبت جريدة الثبات في عددها الأسبوعي
"مطلعون على حيثيات التحقيق في حادثة برج أبو حيدر، إن المحققين يعملون في اتجاهين؛ الاتجاه الأول لمعالجة ما بعد وقوع الحادثة، خصوصاً حرق مسجد البسطا وبعض الأمكنة الأخرى، ومَن هم الذين نفذوا هذه الأعمال، ومَن دفعهم للقيام بذلك، وملاحقة الأيادي الخفية التي تعمل على اختراق الساحة الإسلامية، وإيقاع فتنة مذهبية.. أما الاتجاه الثاني فهو مغطّى بسرية كاملة، ويتركز على عملية اغتيال مسؤول حزب الله محمد فوزي فواز ومساعده علي حسين جواد من مسدس متطور جداً محشو بطلقات متفجرة مزوّد بأشعة لايزر، وتم الاغتيال من بُعد أربعة أمتار ونصف من داخل حجرة الحراسة في مركز جمعية المشاريع، وتم تصويب المسدس على رقبة محمد فواز مباشرة، وبقي إطلاق النار قرب الجثمان مستمراً لمدة ساعة".
فريد قمر
البلد