شهر رمضان في فلسطين: بشرى خير لطي صفحة الفرقة وبداية لعهد الوحدة
مرة أخرى يطل شهر رمضان المبارك على الفلسطينيين وهم منقسمون في شطري الوطن المسلوب والمغتصب، مجدِّداً آمال الكثيرين منهم بأن تساهم الأجواء الإيمانية لهذا الشهر الفضيل في تقريب وجهات النظر بين الأخوة الفرقاء، بما يمهد لإنجاح الحوار الوطني الشامل المنتظر انطلاقه بُعيد عطلة عيد الفطر السعيد.
يقول أحمد العجلة (40 عاماً) وهو صاحب محل تجاري: "إنه يأمل بأن يحمل شهر رمضان معه حل الأزمة الداخلية التي ألقت بظلالها على كل مناحي الحياة، وأثقلت كاهل المواطن بأعباء إضافية لم يعد قادراً على الإيفاء ببعضها".
وعن تقويمه لحركة البيع، أوضح العجلة أن الحركة ضعيفة مقارنة بالأعوام التي سبقت فرض الحصار قبل أكثر من عام، حيث كانت الأسواق تعج بالزبائن في مواسم كهذه.
بينما رمزي الخالدي وهو أب لخمسة أبناء فعبر عن امتعاضه الشديد إزاء ارتفاع الأسعار، لافتاً إلى أنه لن يتمكن هذا العام من زيارة أخواته الخمس اللواتي يُقمن في مناطق متفرقة من القطاع نتيجة تردي الوضع المادي من جهة، وصعوبة المواصلات من جهة أخرى.
الشاب ركان مشتهى الذي عاد لتوه من الخارج بعد أشهر قضاها في الأراضي المصرية بانتظار فتح معبر رفح البري، هو الآخر عبر عن أمله بأن يحدث تغيير باتجاه الخروج من حالة التشرذم التي تغرق فيها الساحة الفلسطينية، وتبدد أحلام الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف بعد سنوات من الكفاح الوطني التي شهدت الكثير من التضحيات الجسام.
يقول مشتهى: "حلُّ الكثير من المشاكل التي تواجهنا مرهون بالوفاق الوطني؛ لذا يجب على الجميع الوقوف عند مسؤولياتهم مهما كان الثمن".
الحاجة أم محمد بعلوشة بدأت حديثها إلينا بالدعاء والتضرع إلى الله بأن يجعل هذا الشهر الفضيل شهر عودة الوئام للفلسطينيين.
حرمان
تقول أم محمد وهي والدة شهيد: "إنها وحينما قدمت ابنها في سبيل الله لم تحزن لأنها ستلتقيه في الجنة، أما اليوم فهي تتقطع ألماً على ضياع الوطن والهوية التي ضحى الكثير في سبيل أن تبقى".
ووجهت الحاجة الفلسطينية التي أنهت عقدها الخامس من العمر رسالة إلى قادة الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتهم الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل بأن يبذلا جهديهما في سبيل تذليل العقبات التي تحول دون العودة إلى ساحة الحوار ولغة العقل.
وعلى الأرض فقد لمسنا خلال جولة ميدانية في سوق الساحة وسط مدينة غزة الذي يعد من أكبر الأسواق في القطاع، غياب بعض المظاهر الرمضانية المعتادة نتيجة الحصار، ومنع دخول الكثير من أصناف البضائع؛ لا سيما تلك الخاصة بالألعاب مثل الفوانيس وغيرها، وهو ما بدا واضحاً على وجوه الكثير من الأطفال الذين باتوا أكبر من سنهم بفعل ما يعانونه جراء السياسات الصهيونية التي حرمتهم متعة الطفولة وبراءتها.
يزن، ابن الأعوام الثمانية تحدثنا إليه بينما كان برفقة والده في السوق فقال: "إنه حزين بسبب عدم حصوله على فانوس رمضان كباقي الأطفال العرب والمسلمين الذين يزينون شاشات التلفاز صباح مساء ويلهون بألعابهم".
إذاً، بالرغم من استمرار الاختلاف بين الأخوة الفرقاء وتباعد المسافات حتى اللحظة في مواقفهم؛ إلا أن الشارع الفلسطيني ما زال يحدوه الأمل بأن يكون شهر رمضان فرصة لتصفية النفوس وتحقيق حلمه في مصالحة وطنية طال انتظارها.