مقتطفات من محاضرة للإمام السيد موسى الصدرالعدو الأول : أولئك الذين قتلوا الحسين وأصحاب الحسين. هؤلاء ظالمون، ولكن تأثير ظلمهم قليل، لأنهم قتلوا الجسد وحطموا الأجساد وحرقوا الخيام ونهبوا البضاعة. إنهم قضوا على عناصر محدودة. لو لم يمت الحسين في سنة 61هـ لمات في سنة69 أو 70هـ أو غيرها. ما هي الخطورة الكبرى والمكاسب التي حققوها من قتلهم للحسين ؟ بالعكس حوّلوا الموت إلى خالدٍ ودائم. إذن، العدو الأول، الظالم الأول، الطاغية الأول خطره محدود.
العدو الثاني : أولئك الذين حاولوا إزالة آثار الحسين، فهدموا قبره وأحرقوا الأرض التي دُفن فيها وسلّطوا الماء على المقام كما عمل بنو العباس. أولئك الذين منعوا مآتم الحسين كما كان في السلطة العثمانية، تلك الظروف التي كانت مُظلمة عندما كانوا يقيمون المآتم في البيوت ويجعلون مراقبين في مداخل الأحياء لكي يبلغوا عن وصول زبانية بني العثمان حتى يفرّقوا جمعهم، أولئك الذين منعوا زيارة الحسين في الداخل والخارج، وخلقوا صعوبات وصعوبات لكل من يريد أن يزور الحسين... هؤلاء الصنف الثاني من الأعداء، أولئك الذين حاولوا منع أثر الحسين، اسم الحسين، ذكر الحسين، قبر الحسين، المأتم الحسيني وأمثال ذلك. هذا الصنف أخطر من الصنف الأول، ولكنه كان عاجزاً عن تنفيذ خطته كما برز ذلك. ونحن نشاهد اليوم ذكريات الحسين في توسعة زمنية ومكانية مستمرة. إذن، الصنف الثاني من الأعداء كان خَطِراً وظالماً ولكنّه لم يتوفق وهو أقلّ خطراً من الصنف الثالث من الأعداء.
الصنف الثالث : هم الذين أرادوا تشويه صورة الحسين، تجميد واقعة كربلاء في ذكراه، عدا عن حصر ذكرى الحسين في البكاء والحزن والنحيب. نحن نبكي الحسين ونبكيه كثيراً، ولكن لا نقف عند البكاء أبداً. البكاء لكي يجدد أحزاننا وأحقادنا ورغبتنا في الانتقام، وهو غضبة على الباطل، هذه هي رغبتنا في البكاء.
لماذا نذكر المصرع ؟ لماذا نتلو المصرع ؟ نتلوه فقرة بعد فقرة لكي نستعرض الواقع وندرك خطر الظالمين وقسوتهم، وندرك أبعاد التضحيات وقوتها، فلا نكون قد اكتفينا بالبكاء واعتبرنا أن الحسين شهيد العبرات، وأن واجبنا قد أُدي بأننا اجتمعنا فقط... في تاريخ الصراع بين الحق والباطل إذا أخرجنا هذه التضحية من الجمود وربطها بالماضي، من الطبيعي أن الحادثة ترتبط بالمستقبل، وعند ذلك ننتهي كما نقول بأن الحسين وارث آدم ونوح وموسى وعيسى، نقول إنه مُورِّث الصادق والباقر والرضا. مورِّث كل من يصرع الباطل وكل من يناضل في سبيل الحق وكل من يسعى ويقدم جهده وحياته في سبيل الدفاع عن الحق.
منقول