التّحريض الصهيوني على المنطقة

التّحريض الصهيوني على المنطقة*

الاستيطان اليهوديّ المستمرّ
في فلسطين المحتلّة، يطلق العدوّ
الصّهيوني أكثر من 150 مشروعاً استيطانيّاً لتهويد المدينة المقدّسة، عبر
خططٍ ستقرّها حكومة العدوّ بعد أيّام... وترتفع أصوات الفلسطينيّين
والمقدسيّين مجدّداً، داعيةً إلى إنقاذ المدينة من وحش الاستيطان اليهودي،
وإلى نصرة أهلها والدّفاع عنهم في وجه أشرس الحملات على المدينة المقدّسة
والأقصى الشّريف الذي بات عرضةً للانهيارات بفعل التشقّقات الناتجة من
حفريات المحتلّين اليهود... ولكنّ أُذن النظام العربي صمّاء، وأفئدتهم
هواء... ولا شغل لهم إلا الانجذاب إلى الخطاب الأميركيّ الذي يريد للعرب
أن يتحوّلوا بالكامل عن تبنّي القضيّة الفلسطينيّة والذّهاب إلى محورٍ آخر
عنوانه إيران، التي تواصل الإدارة الأميركيّة تقديمها كفزّاعة، وكسيف مسلط
على رؤوس الدول العربيّة.

الحرب الأميركيّة على المنطقة
إنّنا نشهد مؤامرةً جديدةً،
تتمثّل في سحب إدارة الرّئيس الأميركيّ مشروعها التّفاوضيّ حول فلسطين
المحتلّة، لتُقحم المنطقة في مشروع حربٍ جديدةٍ، قد تكون اقتصاديةً أو
أمنيّةً، وقد تصل إلى مستوياتٍ أخرى، ولكنّ معالمها الإعلاميّة والسياسيّة
بدأت فعلاً بالبروز، من خلال جولات المسؤولين الأميركيّين الّذين ينسّقون
العمل مع قادة العدوّ في فلسطين المحتلّة، ثم تُفتح لهم الأذرع، وتُشرَّع
لهم البيوت والمنتديات السياسيّة والدبلوماسيّة في الدول العربيّة،
وخصوصاً الخليجيّة منها.

الحذر من المؤامرة
إنّنا نقول للشَّعب الفلسطيني:
إنّ هذه الجولة الجديدة من جولات التّآمر تستهدفك قبل غيرك، حيث يُراد
للفلسطينيّين أن يدفعوا الثّمن من لحمهم ودمهم، ومن مستقبل قضيَّتهم الّتي
أوشك النّظام العربيّ الرّسميّ أن يبيعها بالكامل، ليتنازل حتى عن فُتات
ما يسمّى "المبادرة العربيّة".

التّحريض الأميركيّ على إيران
أمّا المسؤولون الأمريكيّون
الّذين استهلكوا كلّ مفردات الهجوم على الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران،
زاعمين أنها تتحوّل إلى ديكتاتوريّة عسكريّة، ومحرّضين عليها في
الصّالونات العربيّة بحجّة أنّها تشكّل تهديداً للاستقرار العالميّ، فقد
أفصحوا عن خططهم قبل ذلك، منذ نفض الرّئيس الأميركيّ يده من مشروع
التّسوية في المنطقة، وأصرّ على نسيان فلسطين، وتوعّد إيران في خطابه في
"حال الاتحاد"... لأنّهم شرعوا في البناء على ما أسَّسه الرّئيس الأميركيّ
السّابق جورج بوش، ليتحوّل الرّئيس أوباما إلى ما يشبه المستشار في
جمهوريّة "ديك تشيني" التي لا تعرف إلا لغة القوّة وسفك المزيد من
الدّماء، والتّلويح بعصا الحروب والهيمنة...
إنّ الشّعوب العربيّة
والإسلاميّة تعرف جيّداً أنّ الّذي عمل على حماية الدّيكتاتوريّات في
العالم العربيّ والإسلاميّ هي الإدارات الأميركيّة المتعاقبة، والّذي عمل
على تقويض كلّ الأسس الدّيمقراطيّة هي هذه الإدارات التي ينطلق رمزٌ من
رموزها في هذه الأيّام ليتحدّث عن تحوّل إيران إلى ديكتاتوريّة عسكريّة،
في الوقت الّذي تتميّز إيران عن كلّ حلفاء أمريكا في المنطقة بأجواء
الحريّة التي تفسح في المجال للشّعب للنّـزول إلى الشّارع والتّعبير عن
آرائه، وتنفتح على الرّأي الآخر في الانتخابات وغيرها، بينما لا نجد في
كثيرٍ من المواقع العربيّة أو الإسلاميّة من الانتخابات إلا شكلها، ومن
الحرّية إلا اسمها.
إنّنا ندعو الشّعوب العربيّة
والإسلاميّة إلى أن لا تسقط أمام تهاويل أميركا وكيان العدوّ، وألا تؤخذ
ببعض الخطاب العربيّ الرّسميّ الّذي يلوّح بعلامات التوتّر تجاه إيران،
فيما يبعث برسائل الودّ إلى المسؤولين الصّهاينة، لأنّ شعوبنا وقواها
الحيّة، ومشروع المقاومة والممانعة فيها، هو في حال صعود، والمشروع
المعادي في حال تراجعٍ وضعف... وبالتّالي، فإنّ علينا الاستمرار والصّمود
في هذا الخطّ، لأنّ للباطل جولةً وللحقّ ألف جولة وجولة.

لبنان في دوّامة الرّكود الرّسميّ
أمَّا لبنان، فلا يزال في
دوَّامة الرّكود الرّسميّ الّذي يحاكي أوضاع المنطقة بالمزيد من الانشداد
إلى عقليّة المراوحة وذهنيَّة الجمود التي يغيب فيها الاهتمام بقضايا
الدّولة والنّاس لحساب القضايا الشَّخصيّة والذاتيَّة، في وقتٍ يحاول
البعض الخروج من دائرة الجمود الّتي تلفّ حركة الدّولة والحكومة بالدّخول
في دوّامة فرض المزيد من الضَّرائب، لتتبخَّر الوعود باعتماد الأولويّات
التي تخصّ النّاس، ليدخل الجميع في متاهات أرقامٍ متصاعدةٍ للفقر من خلال
مستوياتٍ جديدةٍ للقيمة على الضّريبة المضافة، ولتكون الحلولُ المعتمدة
على طريقة لحس المبرد، والهروب من الاستحقاقات السياسيّة والأمنيّة
والاقتصاديّة بملاحقة الطّبقات المحرومة في لقمة عيشها وحاجياتها
الأساسيَّة.
إنّ على جميع المسؤولين الحذر من
العودة إلى خياراتٍ كهذه على حساب النّاس واستقرارهم وأمنهم الاجتماعيّ
والاقتصاديّ، وندعو الجميع إلى تحمّل مسؤوليّاتهم في دراسة أفضل السّبل
لتحصين الوضع السياسيّ، باحترام أولويّات النّاس الاجتماعيّة والاقتصاديّة
وغيرها.

*ألقى
سماحة السيد علي فضل الله ،نيابة عن العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل
الله(حفظه المولى) خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين
الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائية والسياسية
والاجتماعية، وحشد من المؤمنين.

خطبة الجمعة
(الجمعة 05 ربيع الأول 1431 هـ/ 19 شباط ـ فبراير 2010م)
أنقر هنا لسماع الخطبة

-انقر لقرأءة الخطبة...

» لاستئصال بذور الفتنة من المنطقة
» الاجتياح الصهيوني للمنطقة العربيّة
» لنتوحّد في مواجهة مخطّطات العدو الصهيوني
» لغة القتل..هي معيار التقدير في الكيان الصهيوني
» إمكانيّة قهر العدوّ الصهيوني بقوة الايمان