رياح التوافق والعلاقات الودية بين لبنان وسوريا جرت بما لا تتمناه سفن من عارض فكرة ان تعود المياه لمجاريها بين البلدين الشقيقين, التي جعلتهم الظروف الجغرافية والسياسية في حاجة لان يكونا متوافقين, ويتمتعان بعلاقات استراتيجية.
خبر تعرض حافلة ركاب سورية في محلة دير عمار في شمال لبنان لاطلاق نار لم يعرف مصدره, والذي ادى الى مقتل عامل سوري في السابعة عشرة من العمر, ,عدد من الجرحى, لم يكن خبراً عادياً يندرج في اطار الحوادث العادية اليومية.
فعملية اطلاق النار على الحافلة التي تقل 25 عاملاً سوريا, والتي تسير قرب حاجز مشترك للجيش وقوات الامن على الطريق الرئيسية التي تربط بين سوريا وشمال لبنان, اتت غداة زيارة استمرت يومين قام بها رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الى دمشق, وهي الاولى منذ اغتيال والده رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في 2005. وخلالها عبر سعد الحريري والرئيس السوري بشار الاسد عن رغبتهما في اقامة علاقات استراتيجية بين بلديهما بعد اربع سنوات من التوتر اثر اغتيال الحريري.
رفيق نصرالله لموقع المنار :حادثة اطلاق النار رسالة واضحة ممن لا يريدون علاقة جيدة مع سوريا :
رأى الباحث والمحلل السياسي رفيق نصرالله خلال مقابلة خاصة لموقع قناة المنار ان حادثة اطلاق النار على الحافلة في دير عمار لها دلالات واضحة , وهي تشكل رسالة واضحة من حيث التوقيت والمكان .
واعتبر نصرالله انها رسالة امنية وعنوانها الرئيس "لا لعلاقات جيدة مع سوريا ", مشيراً الى انها بمثابة اشارة جديدة من بعض القوى التي تود ان تعلمنا انها تستطيع ان تترجم اعتراضها على الارض, وبالتالي زعزعة الوضع الامني اينما كان, واينما تريد وبأي وقت تراه مناسباً لتعطيل الوفاق ان كان داخلياً, او على مستوى العلاقة الودية المستجدة بين سوريا ولبنان.
كما وحذر المحلل السياسي رفيق نصرالله, من تحضير هذه الجهة لبيئة سياسية وامني, لتعطيل الاثر الايجابي لزيارة الحريري الى دمشق.
واعتبر ان هذا الحادث يعني ان تلك القوى تمتلك امكانيات تجعلها قادرة على فعل أي عمل من شأنه تخريب العلاقات الودية بين البلدين المجاورين الصديقين, طالباً من الحكومة الاسراع في كشف الجناة, والتعجيل في ملاحقتهم, لانها أخطر من شبكات التجسس التي تعمل لمصلحة العدو الاسرائيلي .
واضاف نصرالله انه من الممكن ان يكون هناك تقاطع مصالح داخلية وخارجية للزعزعة حالة الوفاق بين البلدين, ومن ابرزها العدو الاسرائيلي, ومن كان يعارض زيارة الحريري لسوريا, وللاسف ممكن ان تكون الجهة مقربة لتيار المستقبل ايضاً.
واكد رفيق نصرالله, ودائما خلال المقابلة الخاصة لموقع قناة المنار, أن هذه الجهة التي تقف وراء هذا العمل لن تستطيع ان تحقق اهدافها, بتوتير العلاقة مجدداً بين لبنان وسوريا.
كما واشار ان تحديد هذه المنطقة هو بحد ذاته يؤشر انه عمل منظم, لان بلدة دير عمار تقع قرب مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين حيث قاتل الجيش اللبناني في 2007 حوالى ثلاثة اشهر مجموعة فتح الاسلام الاسلامية, مذكراً ان في هذه المنطقة بالتحديد, كانت ارضاً خصبة لتأجيج التوتر في المرحلة الماضية.
وليد المعلم يجري اتصالاً هاتفياً مع نظيره اللبناني بشأن الحادث الإجرامي ويطلب إعلام سورية بنتائج التحقيقات وتحديد الفاعلين ومن يقف وراءهم
الجانب السوري سارع للاستدراك الموقف عبر وزير خارجيته وليد معلم, والذي اجرى اتصالاً اتصالاً هاتفياً مع وزير خارجية لبنان علي الشامي, طالباً منه خلال إعلام سوريا بالسرعة الممكنة بمجريات ونتائج التحقيقات التي تجريها السلطات اللبنانية وتحديد الفاعلين ومن يقف وراءهم.
كما أجرى المعلم اتصالاً هاتفياً أيضاً مع نصري الخوري أمين عام المجلس الأعلى السوري اللبناني لمتابعة الموضوع.
والسؤال يبقى هل ستشهد الايام المقبلة العديد من الحوادث الامنية المماثلة التي قد تستهدف زعزعة الاستقرار التي يعيشه لبنان, وتعطيل مسيرة التقارب السوري اللبناني الجديد, لكن وفق ما تشهده العلاقة الدبلوماسية السورية اللبنانية, ووفق ما اشيع من معلومات غير مؤكدة عن زيارة ثانية لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري برفقة وفد وزاري موسع الى دمشق, لبحث كل الشؤون الاقتصادية والاجتماعية, واتفاقيات التعاون والاخوة بين البلدين, فان ذلك يدل ان مثل تلك العمليات الامنية سيكون لها تأثير محدود, لا يلبث ان يختفي, عند كل خطوة تقرب بين الدولتين اللبنانية والسورية.