تناول رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، "أمان"، اللواء "عاموس يادلين" خلال كلمة له في مركز دراسات الأمن القومي الهدوء الأمني الذي ساد الحدود مع لبنان، بشيء من التحليل والدقة في تحديد الاسباب التي ادت إلى بلورة هذا الوضع. ولفت في هذا المجال أي أن هذا الهدوء وعدم سقوط أي قتيل إسرائيلي لا يعود إلى قدرة الردع الإسرائيلية فقط وإنما لانشغاله ببناء قدراته العسكرية والظروف السياسية الداخلية في لبنان.
حول ذلك يمكن الاشارة النقاط التالية:
اسقط "يادلين" محاولات بعض قادة العدو التي قدمت الهدوء الذي ساد الحدود مع لبنان، بعد حرب العام 2006، كما لو انه تعبير عن تعزيز قدرة الردع الإسرائيلية مستدلين على ذلك بعدم مبادرة حزب الله لاي عمل عسكري منذ ذلك الوقت عبر الحدود اللبنانية. ومما تميزت به هذه المحاولة انها قفزت عن الاهداف الحقيقية لتلك الحرب، والتي تمثلت بالقضاء على قدرات حزب الله وتعبيد الطريق امام المشروع الاميركي في لبنان ومنه.. فضلا عن تجاوزها حقيقة ان رد حزب الله بلغ مناطق داخل الكيان الاسرائيلي لم يسبق ان تعرضت لاي ضربات منذ اغتصابه فلسطين عام 1948. وما ترتب على ذلك من تقويض لقدرة الردع الإسرائيلية.
ميز "يادلين" بين امتناع حزب الله عن العمل العسكري لكونه مردوعا، وبين انشغاله بأولوية بناء قدراته العسكرية. ولفت ضمنيا إلى ان عدم مبادرة حزب الله لاي عمل عسكري مباشر، يعود إلى التزامه سلم أولويات يقف على رأسه بناء قدراته العسكرية حتى وجد العدو نفسه امام قوة استراتيجية تمكنه من التلويح بمعادلة تل ابيب مقابل الضاحية، والتهديد بتدمير فرق الجيش الاسرائيلي التي تحاول اجتياح الاراض اللبنانية.
لكن الامر الاهم هو ان اجهزة العدو لم تتمكن من ادراك هذه الحقيقة الا بعد فوات الاوان وبعدما استكمل حزب الله بناء قدراته التي تمكنه من مواجهة اسوأ واخطر سيناريوهات الحرب المقبلة. وهكذا تتضح للكثير من الناس مدى كفاءة قيادة حزب الله في ادارة الوضع السياسي بعد العام 2006، والتي شابها الكثير من التساؤلات والانتقادات الضمنية المبنية على رؤية غير واضحة لسلم الاولويات.
الامر اللافت هو ان "يادلين" طرح اسباب اخرى لامتناع حزب الله وهو اضطراره إلى مواجهات اخطار داخلية تعرض لها خلال السنوات الماضية، وهو ما يكشف عن ان من ضمن رهانات العدو على انكباح حزب الله كان فتح جبهات سياسية وامنية داخلية تحرف اولوياته وتدفعه إلى موقع الدفاع عن سلاحه ووجوده في مواجهة مخطط خارجي بتنفيذ ادوات داخلية. ومن هنا يرى العدو في الاتفاق الداخلي الاخير في لبنان مؤشرا سلبيا بالنسبة لـ"إسرائيل".