الرابع من تشرين الثاني هو موعد عرض تقرير غولدستون في الجمعية العامة للأمم المتحدة .
بات هذا التاريخ رمزا لكابوس إسرائيلي بعدما صار الكلام عن الخوف من العقاب والملاحقات القضائية لقادة سياسيين وعسكريين في إسرائيل نتيجة جرائم الحرب في غزة هاجسا يتكرر في تصريحات المسؤولين و مقالات كبار كتاب الصحف الإسرائيلية .
فقد اعتبر العديد من الكتاب مؤخرا أن تصرفات حكومة نتنياهو في مجابهة تقرير غولدستون ومطالبته لإسرائيل بفتح تحقيقات حول جرائم الحرب بأنها تصرفات غير مسؤولة وقد تقود للأسوأ و ميز عدد من معلقي الصحف الإسرائيلية أيضا بين تحقيقات الجيش الإسرائيلي المسلكية و بين ملف جرائم الحرب التي ارتكبها ضباط و جنود إسرائيليون في قطاع غزة .
أورقة الحكومة و المخابرات الإسرائيلية منهمكة في وضع الخطط لمجابهة هذا الوضع الداهم الذي يصفه المسؤولون والصحافيون بأنه شبح عزلة دولية و ملاحقات ومحاكمات لا تنتهي .
فقد ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أن إيهود أولمرت قد يواجه أمر اعتقال قضائي بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة بمجرد وصوله إلى لندن و قبل أسابيع قليلة اختصر وزير الدفاع إيهود باراك جولة أوروبية خوفا من وطأة الملاحقات و مذكرات التوقيف في بعض الدول التي تشهد تحركات حقوقية ناشطة منذ الإعلان عن تقرير غولدستون و بعد ظهور اعترافات العسكريين الإسرائيليين الذين شاركوا في الحرب على صفحات الجرائد الإسرائيلية .
أربعة خطوط لهذه المعركة السياسية و الإعلامية الإسرائيلية على الصعيد الدولي بعد تقرير غولدستون يمكن إجمالها على النحو التالي :
أولا حملة ضغوط مكثفة دوليا للتأثير على مواقف اكبر عدد من الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمنع إحالة التقرير على مجلس الأمن الدولي و يشارك في الحملة الإسرائيلية قادة الائتلاف الحاكم و المعارضة على السواء وفي هذا السياق كان لافتا أن تعتبر تسيبي ليفني زعيمة حزب كاديما أن البند الأهم في مباحثاتها مع القادة الروس هو حثهم على الامتناع عن التصويت في الجمعية العامة و السعي لتحاشي إحالة التقرير إلى مجلس الأمن .
ثانيا العمل سياسيا وإعلاميا لتشويه صورة القاضي اليهودي غولدستون جميع القوى و الهيئات التي تتحرك للمحاسبة على جرائم الحرب في غزة و نسف مصداقيتهم عن طريق حملة مركزة في أوروبا تهدف للحد من تفاعلات الموضوع عبر استعمال تهمة العداء للسامية التي عادة ما توجهها إسرائيل ضد منتقديها .
ثالثا استعجال قيام الجيش الإسرائيلي بتحقيقاته الداخلية و تسويقها في موجة من الضجيج السياسي و الإعلامي و اعتبارها دليلا كافيا لتنصل إسرائيل من تبعات جرائم الحرب التي ارتكبتها قواتها في غزة خلال عملية الرصاص المصبوب .
رابعا مباشرة التحرك دوليا تحت عنوان تعديل القوانين و المعاهدات الدولية التي تتناول جرائم الحرب و حيث يدعي الإسرائيليون أن القوانين و المعاهدات الحالية تشكل قيدا على الدول في مكافحة الإرهاب و الهدف الفعلي هو إيجاد مبررات لقتل المدنيين و إلحاق الأذى بهم تحت عنوان مطاردة الإرهاب .
يعول الإسرائيليون كثيرا على الدعم الأميركي لحملتهم التي يجري تنفيذها ضمن خطة عاجلة خوفا من اشتداد أجواء العزلة و المقاطعة التي تزحف في الكثير من دول العالم بمشاركة هيئات حقوقية ونقابات عمالية ومهنية ، خصوصا في بريطانيا و فرنسا والعديد من أنحاء القارة الأوروبية .
ميرنا قرعوني - الشرق الجديد