تمُر يوم 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2009 الذكرى 28 لتولي الرئيس المصري حسني مبارك مقاليد الحكم في مصر، وقد تولى مبارك الحكم إثر اغتيال سلفه أنور السادات في يوم 6 أكتوبر عام 1981.
ومع بداية السنة التاسعة والعشرين لحكم مبارك، تصاعدت التنبؤات بما سيحدث في انتخابات العام 2011، وازدادت الترشيحات والتكهنات عمن هو الرئيس القادم لمصر.
ففي شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2011 ستشهد مصر نقطة تحول هامة في تاريخها السياسي، وستظهر أشياء جديدة تحدد مستقبل هذا البلد، وذلك في كلا الحالتين إذا استمر حكم نظام مبارك، أو أتى رئيس جديد للبلاد.
المعارضة تستعد من الآن بمرحلة بناء التحالفات الانتخابية، حيث تشكلت عدة جبهات سياسية تحمل شعارات ضد التوريث وفساد السلطة، وهدفها الضغط على النظام، والتصدي لتزوير الانتخابات، ومؤسسوها من النخبة السياسية المصرية، بالإضافة إلى نشطاء الحركات الاحتجاجية والديموقراطية من الشباب، مع محاولات لضم الإخوان المسلمين لإحدى الجبهات السياسية.
ولكن تبقى بعض الخلافات داخل المعارضة المصرية، والتي لم تمت بعد سنوات طوال، مثل الخلاف بين الإخوان وحزب التجمع، والإخوان والناصريين، ولكن يُعتقد أن مصير هذه الخلافات إلى زوال إذا غلّب الفرقاء مصلحة مصر على خلافاتهم الشخصية.
من هم المرشحون؟
المرشح الأول بالطبع هو الرئيس ذاته.. المقصود حسني مبارك، وهو في عام 2011 سيكون قد بلغ 84 عامًا، وسيرشح عن الحزب الوطني، ما لم يُغّلب مصلحة نجله جمال على مصلحته الشخصية، ويدفعه للانتخابات. ولكن من المرجح أن يعيد مبارك ترشيح نفسه، خاصة بعد إعلانه أثناء زيارته لأمريكا أن جمال لا يُفكر في ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، كما ان امريكا وحلفاءها راضون عن مبارك الاب، كما قالت واشنطن بوست اثناء احتفالها بولاية مبارك الجديدة.
في هذه الحالة سيقوم مجموعة من كومبارس الحركة السياسية في مصر بترشيح أنفسهم ضد الرئيس مبارك؛ كما حدث في انتخابات العام 2005..
أهم هؤلاء المرشحين أمام مبارك الأب.. هو ممدوح رمزي، وهو أول قبطي يجاهر بأنه سيكون أحد المرشحين على كرسي الرئاسة.
وممدوح رمزي محام يبلغ من العمر 58 عامًا، وسيترشح عن الحزب الدستوري الاجتماعي الحر، ولا يعني ترشيحه أن أقباط مصر سيعطونه أصواتهم، خاصة بعد التأييد العلني من البابا شنودة ـ بابا الكنيسة الأرثوذكسية- لجمال مبارك، ولكن ترشيحه على المقعد الرئاسي سيضرب عصفورين بحجر واحد.. أولهما عودة الأقباط إلى المشاركة بفاعلية في السياسة عامة، والثاني هو تجميل وجه النظام الذي سيدعم المرشح القبطي بكل قوة ـ بالطبع قوة لا تؤثر على سير الانتخابات كما يريدها النظام - مما سيُعطي انطباعاً لأمريكا تحديدًا بتحسن وضع الأقباط في مصر، وسير عجلة الديموقراطية إلى الأمام.
أما لو تنازل مبارك الأب لمبارك الابن (47 عامًا) عن المقعد الرئاسي وعن ترشيح الحزب الوطني له، فسيواجه بخصوم حقيقيين لا قِبل له بهم، خاصة إذا ما أستُجيب لمطالب المعارضة بالمراقبة الدولية على الانتخابات، وستكون نسبة نجاحه لا تتعدى 40%.
فجمال مبارك الذي يؤيده أصحاب المصالح من رجال أعمال وسياسيين، وبعض المصريين الذين خدعهم الإعلام المصري.. لا يعرف في الحقيقة أي شيء عن مصر التي تعاني ظروفاً سياسية واقتصادية ومعيشية واجتماعية وصحية بالغة السوء، وصلت لذروتها في عهد والده، ولم ينطلٍ على جموع المصريين المشاريع التي يقوم بها الوريث.. مثل مشروع تطوير الألف قرية الأكثر فقرًا في مصر، ومشروع القاهرة 2050... إلى آخر هذه المشروعات الوهمية.
ومن الأسماء المطروحة أيضا اسم اللواء عمر سليمان مدير جهاز المخابرات العامة، ومهندس الملف الإسرائيلي الفلسطيني، والعنصر الأساسي الفاعل في ملف المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية.
الرجل في الحقيقة لم يُبدِ أي إشارة لرغبته في الترشح، ولكن المصريين ينظرون له، وللمؤسسة العسكرية التي ينتمي إليها باحترام شديد، إلا أن قطاعاً من المصريين يرى أنه قد آن أوان أن يتولى رئيس مدني زمام الأمور في مصر.
كما يتردد وبقوة اسم الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والبالغ من العمر 67 عامًا، والذي ترك الباب مفتوحًا للتكهنات بترشيحه من عدمه... ولكن في حال ترشحه سيضمن الدكتور البرادعي أصوات قطاع كبير من المصريين خاصة الشباب منهم، وستكون نسبة نجاحه لا تقل عن 70% حسب استطلاعات الرأي.
اسم آخر من العلماء هو الدكتور احمد زويل الذي حاز على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999، ومنذ ذلك الحين وقد تحول إلى قدوة حسنة لكثير من المصريين.
والدكتور زويل 63 عامًا لم يُعلن موافقته أو رفضه للترشح، وان كان البعض يعترض على كونه حاملاً للجنسية الأمريكية؛ إلا انه لا يوجد في الدستور ما يمنع ذو الجنسية المزدوجة من الترشح للرئاسة.
يأتي بعد ذلك اسما حمدين صباحي وسامح عاشور المنتميين لجيل الثورة، والمنتميين للأيديولوجية الناصرية، وسيتمان في العام 2011 السابعة والخمسين من العمر.
حمدين صباحي صحفي ونائب بالبرلمان المصري، ووكيل مؤسسي حزب الكرامة، وأحد كوادر الحركة الطلابية في السبعينات، ومرشح العديد من الشخصيات السياسية والإعلامية لمقعد الرئيس، ولكنه إلى الآن لم يبت في هذا الموضوع.
أما سامح عاشور فهو محام، ونقيب المحامين 2001 – 2009، لذا فهو يجمع بين خبرات العمل العام، والنقابي الخدمي، وتواترت أنباء عن انه ينوي أن يرشح نفسه في الانتخابات القادمة.
وبالطبع سيواجه المرشح الناصري ـ أياً كان، حمدين أو سامح- معارضة شديدة من الحزب الوطني، خاصة أن أصوات الناصريين، واليسار المصري عمومًا، وأصوات المنتمين لجيل الثورة، والمهتمين بالقضية العربية، والفلاحين والعمال ستذهب إلى المرشح الناصري، كما أن حزبًا كالوفد مثلاً من الصعب أن يدعم مرشحاً يحمل أفكار عبد الناصر في رأسه، إلا إذا تم الاتفاق على انه مرشح المعارضة الوحيد.
يبقى الإخوان المسلمون... فمعركتهم ضد حمدين ستكون أقل سخونة من معركتهم ضد سامح، وان كانت ستظل ساخنة.
فأفكار الإخوان بالطبع مغايرة لأفكار الناصريين، خاصة فيما يتعلق بالوحدة العربية، أو بما حدث للإخوان إبان حكم عبد الناصر، ولكن فرصة حمدين أفضل.. وذلك لعلاقته الجيدة بهم.
يُطرح أيضا ـ وعلى استحياء- اسم محمود أباظة رئيس حزب الوفد الذي هو أعرق الأحزاب المصرية الموجودة حتى الآن، ولكن فرصته ضعيفة جدًا، خاصة أن الحزب لا يمتلك أرضية حقيقية تمكّنه من حصد ملايين الأصوات.
ولكن حزب الوفد تقدم بطلب للدكتور محمد البرادعي للانضمام لحزب الوفد ليترشح تحت رايته، والى الآن لم يُبد البرادعي رأيه في هذا الموضوع.
أما آخر الأسماء المطروحة، وليس أخيرها هو الدكتور ايمن نور... مرشح الرئاسة السابق، ووصيف الرئيس مبارك؛ حيث تمكن من حصد ما يقرب من النصف مليون صوت؛ في حين انتخب الرئيس مبارك 6 ملايين شخص!!!
ايمن نور (45 عامًا)، ويعمل كمحام وصحفي، وسيترشح عن حزب الغد. كان ناشطًا سياسيًا منذ كان بالجامعة، ثم أسس حزب الغد، ودخل الانتخابات الماضية تحت رايته؛ فكانت مكافأته أن وجد نفسه في السجن متهمًا بالتزوير لمدة خمس سنوات.
والآن بعد خروجه من السجن، فانه يعمل مع آخرين على توحيد جبهة المعارضة، كما يعمل على التواصل مع الجماهير، ولكن تظل قضية التزوير تمنعه من ممارسة حقوقه السياسية كما ينص الدستور، وان كان قد بدأ في مقاضاة النظام بهذا الشأن.
كما يعيب أيمن نور اتصاله بأمريكا، واستعراضه السياسي من حين لآخر، وهذا يتسبب في وقوعه في أخطاء سياسية وتنظيمية.
إن السنتين القادمتين مليئتان بالتحديات، لكنها في الوقت ذاته نقطة تحول هامة في تنمية وعي الإنسان المصري، وتبصيره بحقوقه التي يجب أن يقاتل من أجلها لتحسين أوضاعه خاصة، وأوضاع مصر في العموم.
الأخبار