أبدع بالفعل أحمد الشقيري المذيع في قناة«mbc» عندما توجه إلى اليابان هذا العام ليأتينا بدروس حول التجربة اليابانية،وثقها في برنامج تحت عنوان «خواطر»، وأكثر ما لفت نظري في حلقاته اليومية بعض الحلقات عن النظافة والتعامل مع القمامة وعمال النظافة هناك، ففي إحدى هذه الحلقات قال الشقيري بأنه يتم اختيار هؤلاء العمال من بين عدد من المتقدمين وتجرى لهم اختبارات عدة منها اختبارات شفهية وتحريرية، ثم يتم اختيار الناجحين منهم فقط! وأضاف الشقيري بأن رواتبهم يمكن أن تصل إلى نحو 100 ألف دولار في العام أي ما يعادل أكثر من 8000 دولار في الشهر! وأرجع السبب في ذلك إلى عدة أمور منها الاهتمام المفرط بالنظافة والصحة هناك، إضافة إلى إعطائهم بدلات طبيعة عمل بدل معاناتهم في التعامل مع القمامة، لكن المذيع القدير يفاجئنا عندما يتحدث عن رائحة القمامة اليابانية، حيث يقول بأنها بلا رائحة، ويعيد السبب في ذلك إلى عدم خلط السوائل بالأطعمة الفائضة، وهو الأمر الذي يتسبب بالرائحة الكريهة التي تنبعث من القمامة، حيث يقومون بتدريب الصغار على إفراغ السوائل من العلب قبل رميها في القمامة، وذلك قبل دخولهم المدرسة، وقد عرض الشقيري في حلقة أخرى مشاهد لطلاب وطالبات يابانيين - جنبا إلى جنب معلمي المدارس - ينظفون مدارسهم حيث يخصص لهم ربع ساعة يوميا لذلك، وظهر الطلاب والطالبات وهم سعداء بعملهم هذا دون تكبر يشجعهم على ذلك موسيقى مناسبة، ويعلق المذيع على هذه الخطوة - التي دعا إلى تطبيقها في بلداننا العربية – بأن الطلاب والطالبات الذين يقومون بتنظيف فصولهم الدراسية سوف يكونون أكثر حرصا على المحافظة على نظافتها ونظافة مجتمعهم في المستقبل.
وأوضح الشقيري في حلقاته الجميلة كيف يعامل اليابانيون عمال النظافة باحترام كامل حتى انهم يسمونهم (مهندسو صحة) Sanitary Engineers ويحظون بالتقدير من قبل الناس،
وتتميز السيارات التي يستخدمها (مهندسو الصحة) لجمع القمامة بأنها أنيقة ونظيفة لا يتأفف منها أصحاب السيارات الأخرى عند المرور بالقرب منها، كما هي الحال في كثير من بلداننا العربية، ومبالغة في إظهار الاحترام لهذه السيارات من قبل الناس فقد قام اليابانيون بتصنيع سيارات صغيرة شبيهة بها كألعاب أطفال، ولا أظن أن أحدا من أصحاب مصانع ألعاب الأطفال لدينا سوف يجازف بتجارة من هذا النوع حيث الخسارة مضمونة،
إنها مفارقة حقيقية بين الحياة في اليابان وفي غيرها، وبين جامعي القمامة هناك وفي بلادنا، بل إن المقارنة صعبة جدا بين الطرفين، لا بل صعبة حتى بين جامعي القمامة هناك والموظف الجامعي في بلداننا!
يوسف أحمد الحسن - « شبكة والفجر الثقافية »